شهدت المملكة تحولات ومنعطفات سياسية مهمة في العامين الماضيين، تمثلت بإقرار حزمة من التعديلات الدستورية العام 2011 شملت 43 تعديلاً على نصوص الدستور الأردني، أهمها: إنشاء الهيئة المستقلة للانتخاب؛ والمحكمة الدستورية، وتعديل مواد تتعلق بتمكين الحريات وحمايتها، وتقليص اختصاص محكمة أمن الدولة، إضافة إلى توفير ضمانات دستورية لحل مجلس النواب تتمثل باستقالة الحكومة التي تنسب بحل المجلس خلال أسبوع من تاريخ الحل، وتكريس مبدأ الفصل بين السلطات.
هذه التعديلات الدستورية الأخيرة ترافقت مع تأكيد ملكي حاسم )عبر مجموعة من الخطابات واللقاءات( على تغيير أسس تشكيل الحكومات، وذلك باعتماد مبدأ “الحكومة البرلمانية” التي تتشكل عبر التشاور مع الكتل البرلمانية في مجلس النواب للاتفاق على اختيار شخص رئيس الوزراء وأعضاء فريقه الوزاري. هذا التحول الدستوري في آلية تشكيل الحكومات في الأردن سينبني عليه حتما تغييرات نوعية في صيغة العلاقة بين السلطتين: التنفيذية؛ والتشريعية، والذي بدوره سينعكس على ديناميكيات المعادلة السياسية بأسرها، وتشكّل نواة لترسيخ قواعد وأعراف برلمانية جديدة تحكم العلاقة بين البرلمان المنتخب والحكومة النيابية.
على هذه القاعدة من التشريعات والتحولات والوعود؛ جرت الانتخابات النيابية، التي شهدتها المملكة في نهاية شهر كانون الثاني/يناير وفق قانون انتخاب جديد، يمنح الناخب حق اختيار مرشح عن الدائرة المحلية، بالإضافة إلى انتخاب قائمة على مستوى الوطن ) 27 مقعداً من 150 ( تمثل أحزابا وتيارات وتوجهات سياسية مختلفة. وقد جاءت فكرة إضافة 27 مقعداً للقائمة الوطنية تجسيدا لمبدأ التنافس الحزبي ونواة لتشكيل الكتل البرلمانية؛ بهدف التمهيد للوصول الى حكومة برلمانية تنبثق عن تكتل أو ائتلاف أغلبية من مجلس النواب لديه برامج إصلاحية شاملة تمتد لأربع سنوات، طالما أنها تحتفظ بالأغلبية البرلمانية.