تتكــون الحضــارة الإنســانية مــن تطــور المــوارد والتقنيــات والأعــمال ثم القــيم والســلوك الاجتماعــي والثقافــة المصاحبــة لهــذه المــوارد والتقنيــات، فالتقــدم الإنســاني في أبســط وصــف ممكــن له هــو عمليتــا «البقــاء وتحســين البقــاء، والبحــث والتأمــل» ففــي ســعي الإنســان للبقــاء حيــا وتحســين بقائــه أنشأ منظومــات واســعة مــن المــوارد والأعــمال والأفــكار، وفي البحــث والتأمــل كان يطــور مكتســباته ويراجعهــا وينشــئ أفــكارا ومــوارد اإضافيــة، وفي التفاعــل بــين العمليتــين ينشــئ منظومــة مــن القــيم والسسياســات والأفــكار التــي تحمــي الإنســان مــن نفســه، وتضمــن (نســبيا بالطبــع) أن تكــون المــوارد والتقنيــات في خدمــة الســلام الذي يتطلــع اإليــه الإنســان، وهكــذا أيضــا تشكلت سلســة مــن التحــولت الاقتصاديــة والاجتماعيــة يمكــن اعتبارهــا في المجمــل «التقــدم الإننسـاني»
التقــدم الإنســاني عــر العصــور والمراحــل نلاحــظ كيــف كان الإنســان عــى مــدى التــاريخ يحــاول أن يطــوع الفــرص والإبــداع لتحســين حياتــه وتحقيــق الرفــاه والازدهــار، وفي ذلك كانــت الاختراعــات والإبداعــات تتطــور وتــتراكم، ثم يحميهــا الإنســان بمنظومة اجتماعية وثقافيــة مــن القــيم والأخــلاق والســلوك الاجتماعــي والأفــكار، لأنــه مــن غــير الوعــي الــكافي بأهميــة وقيمــة التقــدم يهــدر الإنســان الفــرص للتقــدم والحيــاة الأفضــل.
وبالطبــع فقــد كانــت علـى الدوام تنشأ قــيم مضــادة تفســد منجــزات الإنســان وحضارتــه، بــل وتختفــي بســببها أمم ومــدن كثــيرة، مثــل الكراهيــة والتعصــب والتميــز والحــروب والصراعــات الأهليــة، والعبوديــة والــرق والســخرة وانتهــاك حقــوق الإنســان والتعذيــب وغيــاب العــدل التضامــن والتنــوع وعجــز النــاس عــن العيــش معــا.