الأستاذ إبراهيم غرايبة
أصدر مركز الدراسات الاستراتجية كتاب جديداً للباحث في المركز الأستاذ إبراهيم غرايبة بعنوان: “جينالوجيا التقدم”: التكوين الاقتصادي و السياسي و الاجتماعي للإصلاح و التنمية، وتالياً ملخصاً لهذا الكتاب ملخص وفهرست:
يعني التقدم عمليا التغير باتجاه التطوير الإيجابي في مجموعة من المؤشرات، من أهمها النمو الاقتصادي ومستوى المعيشة (الرفاه) والعدالة الاجتماعية والاقتصادية، والحريات والديمقراطية.(صمويل هنتتنغتن – الثقافات وقيم التقدم) وبالطبع فإن الحديث عن التقدم يقتضي بالضرورة الحديث عن الفشل والمخاطر التي تهدد حياة الأمم وتقدمها. وإذا كان صعبا توقع الأحداث الخطيرة أو النادرة فلا يعني ذلك إغفالها او عدم الاستعداد لها، ويساعدنا تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية في ملاحظة المخاطر القائمة والمتوقعة في غياب الاستدامة والإنصاف، فالتنمية حسب التقرير تعتمد أساسا على بيئة من العدالة التي تضمن لجميع المواطنين الاستفادة على قدم المساواة من فرص التنمية والموارد العامة والقدرة على إدامة المؤسسات والانجازات التنموية، ذلك أنه تقام المؤسسات ويحدث تقدم في الخدمات والأعمال التي تقدمها الدولة والأسواق ولكنها تتراجع أو تفشل بعد فترة من الزمن، كيف يمكن إدامة عمل المؤسسات والإنجازات لتواصل تراكمها وتأثيرها الإيجابي المتواصل، ولتحقيق قدر كاف من الاستقرار يشجع على قيام الأعمال والاستثمارات والمدن والخدمات والمرافق؟
في إجابتهما على سؤال لماذا تفشل الأمم؟ يجد دارغون اسيموغلو وجيمس أ. روبنسن أن فشل الأمم أو تقدمها يقوم على المؤسسية التي تعمل وفقها الدولة؛ إذا كانت المؤسسات الاقتصادية والسياسية القائمة “احتكارية” تعود بالفائدة على فئة قليلة في المجتمع أو “شاملة” تنهض بمستوى المعيشة والخدمات والفرص الاقتصادية والاجتماعية لجميع المواطنين.
ويمكن الربط ببساطة بين انخفاض مستوى التعليم وبين المستوى الاقتصادي وكفاءة المؤسسات، فالأسواق الفاشلة والمحدودة تؤدي أيضا إلى فشل في بناء المواهب واستقطابها، ومن الواضح أن هناك علاقة وثيقة بين التعددية والمؤسسات الاقتصادية الشاملة. وفي المقابل فإن المؤسسات السياسية والاقتصادية الاحتكارية تعمل لصالح فئة محدودة، وتقيم الحواجز وتقمع أداء السوق والمجتمعات، نظام العبودية والسخرة على سبيل المثال كانت تحميه مؤسسات سياسية قمعية، واليوم فإن الحالة نفسها أو قريبا منها يمكن ملاحظتها في أداء النخب الفئوية والمهيمنة في أنحاء واسعة من العالم، والذين تتشكل مصالحهم حول الفشل، .. وتدور حلقة شريرة لصنع الفشل وحمايته.
“الجميع” هي كلمة السر في التنمية والتقدم، لكن الجميع تعني قيم ومنظومة أخلاقية اجتماعية أكثر مما هي خطط وسياسات علمية مستقلة، فجميع قصص وحالات النجاح والإنجاز في الدول والمجتمعات تتحول إلى العمل ضد نفسها إذا لم تكن ضمن بيئة عمل وتنمية تشمل جميع المواطنين، وجميع الفئات وجميع المناطق، .. هذه الـ “جميع” هي كلمة السر في التنمية وليس قصص ونماذج التقدم التي تعرض في التعليم أو الصحة أو الاستثمار والعمل أو الإبداع،.. أو قل ما شئت من حالات ونماذج. فأن يكون “الجميع” مشمولا ببرامج التنمية والخدمات الأساسية يعني المساواة والرضا الاجتماعي وتقليل الفجوة وقدرة أفضل على الانتماء والمشاركة ومواجهة الجريمة واستهداف عدم المساواة والفئات المتضررة وغير المستفيدة من الإنفاق العام والخدمات الأساسية مثل جيوب الفقر وفئات محددة من والمواطنين مثل النساء والاطفال وكبار السن والمرضى والمعوقين واللاجئين والعمال الوافدين،..
سيكون المحرك الأساسي المفترض لتجمعات الناس وعلاقاتهم في ظل حالة الازدهار، قائما على تنظيم وتأمين الخدمات والحياة اليومية والاقتصادية والاجتماعية. وعلى هذا الأساس، تقوم مصالح وأعمال وأسواق، ومؤسسات اجتماعية وتعليمية وصحية، وتدبير الموارد والإنفاق، والعلاقة مع الحكومة ودورها والإنفاق العام وإدارة الموارد العامة والسياسات الضريبية والمركزية وحماية المستهلك. وفي ذلك يتنافس المواطنون ويشكلون أنفسهم في كتل وتيارات وتحالفات. وقد تكسر متوالية التشكل الاقتصادي والاجتماعي، أو تنحرف إلى العنف والصراع المدمر في حال عدم القدرة على ملاحظة العلاقة بين الحريات والعدالة والازدهار وتحسين الحياة، ذلك يجعل الأسواق والمعارف تعمل ضد نفسها.
تقيس الأمم المتحدة التنمية الإنسانية في جميع دول العالم وأقاليمه عبر تقرير سنوي تنشره، ويعتبر هذا التقرير دليلا عمليا للحكومات والمجتمعات كما الأفراد والمثقفين لملاحظة الإنجاز والقصور على نحو عملي وتفصيلي واضح، ويرمز إلى مستوى التنمية الإنسانية بمؤشر يتراوح بين صفر وواحد، وتعتبر حسب تقرير عام 2018 دولا ذات تنمية مرتفعة جدا؛ التي تحصل على مؤشر يزيد على 0.8، ودولا مرتفعة التنمية التي تحصل على مؤشر 0.7 – 0.799، ودولا متوسطة التنمية التي تحصل على مؤشر: 0.55 – 0.699، ودولا منخفصة مستوى التنمية التي تحصل على مؤشر يقل عن 0.55
ويعكس المؤشر مجموعة كبيرة ومركبة من المؤشرات والقراءات التفصيلية في التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية ومستوى الدخل، والرضا الاجتماعي والمساواة، ويقدم التقرير أيضا مؤشرا عاما للمساواة يسمى “معامل جيني” ويشير الرقم 0 إلى المساواة التامة والرقم 100 إلى عدم المساواة المطلقة.
إن الدولة بالتزامها نحو مواطنيها وزوارها والمقيمين فيها بالعدالة والأمن وتوفير الخدمات الأساسية والرفاه والتكافل الاجتماعي نحو جميع الفئات السكانية والاجتماعية تنشئ حالة من الاستقرار الوطني والإقليمي المشجع على السلام والتعاون، وفي ظل هذا الرفاه والسلام والازدهار يجد المواطنون والمقيمون والمستثمرون والزوار والسياح مجالا واسعا للعمل والتعاون والعيش معا والحماية من المخاطر، كما أن الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي بعامة يؤدي تلقائيا إلى الاستقرار الإقليمي والعالمي، والعكس صحيح أيضا؛ فالدولة التي تواجه تحديات اقتصادية وأمنية تتحول إلى بؤرة عدم استقرار لمواطنيها والإقليم المحيط بها، بل ويمتد أثر ذلك إلى العالم، كما نلاحظ على سبيل المثال في تحديات العنف والإرهاب والوباء واللاجئين والأوبئة والقرصنة، إذ برغم أنها في منشئها وجوهرها أزمات وتحديات متصلة بدول وجماعات فإنها تتحول إلى تحديات عالمية.
وفي المقابل فإن الدولة المستقرة والمزدهرة تملك مصداقية عالية في دورها الإقليمي السياسي والإغاثي والثقافي، فالأمم تتبع النجاح وتصدقه، كما أن الدولة الملتزمة بالتقدم الاقتصادي والسياسي تحاول إدامة نجاحها بمنظومة ثقافية اجتماعية وسياسات تعاون عالمية، وبالطبع فإنها لا تستطيع مواصلة عملها وإنفاقها في مجالات ثقافية وإقليمية وهي تواجه تحديات اقتصادية وداخلية، هناك دول كثيرة معروفة أدارت برامج ومشروعات والتزامات جيدة في التعليم والثقافة والترجمة والمنح الدراسية والتعاون مع دول وشعوب العالم، لكنها لم تستطع أن تواصل دورها الرائد بسبب التحديات والتحولات الاقتصادية والاجتماعية الداخلية.
هكذا يجب أن تظل الأمم على كل المستويات دولا ومجتمعات وأفرادا ملتزمة أولا بازدهارها واستقرارها حتى تكون قادرة على المشاركة في الاستقرار الداخلي والإقليمي والعالمي، وحتى لا يكون العمل الإنساني والخارجي هروبا من الأزمات الداخلية، فتكون تعمل ضد نفسها وضد الاعتدال والاستقرار العالمي.
وفي هذه المرحلة الانتقالية بين عصري الصناعة وما بعدها (الشبكية) نبدو في مواجهة مع مؤسسات تبدو في نظر نفسها وكثير من الناس راسخة مهيمنة، وتبدو من وجهة نطر “الشبكيين” آيلة للسقوط، المدارس التي أنشئت لتلبية احتياجات المجتمع أكثر منها لتلبية حاجات التلاميذ، والجامعات التي ظهرت في روايتها المنشئة تعبر عن احتياجات وطموحات المؤسسات الدينية والأرستقراطية والنقابات المهنية، تبدو موضع إعادة نظر جذرية لأن المجتمعات والمؤسسات الدينية والنقابات والحركات الاجتماعية تتلاشى، والقوميات التي صعدت مصاحبة للحداثة تحولت إلى أداة هدم داخلي، كما لو أن الحداثة أنتجت نقيضها، وصارت عبئا على نفسها كما هي بطبيعة الحال عبء على الاعتماد المتبادل الذي تقتضيه العولمة اليوم. وتتشكل مجتمعات وقيم جديدة حول الشبكية، تبدو فيها الفردانية سائدة ومستقلة عن كل بيئة اجتماعية، لكنها مصحوبة بآلام وصراعات مخيفة، وتبدو حتى من وجهة نظر المتفائلين بها لا تأتي بديلا إيجابيا، وليست بطبيعة الحال المخلّص المنتظر برغم كل وعودها القادمة.
وتختفي اليوم أعمال ومؤسسات بالجملة لتخلف أعدادا كبيرة من المهمشين، ويخسر الكثير من الناس أعمالهم، ويفقدون المبرر الأساسي لحياتهم، وأصعب من ذلك كما يحلل آلن تورين الانفكاك بين الاقتصاد والعمل، لم تعد فئات واسعة من الأعمال يحتاجها المنتجون الجدد. إن الأعمال التي تتكون في ظل أوضاع كهذه تنتمي هي ايضا إلى عالم الفراغ الاجتماعي، حيث يكاد يكون العمل مستحيلا، والموت الذي يتم إنزاله بالعدو كما بالنفس هو الجواب الأكثر ملاءمة لظروف التفكك والتهميش الاجتماعيين.
وتصعد في سياق الحديث عن التقدم يفكرة رأس المال الاجتماعي المنشئ للازدهار تقوم ببساطة على أن نعيش معا في دولنا ومجتمعاتنا التي ننتمي إليها، وأن نكون جزءا من العالم نتقبله ويتقبلنا، وأن نساعد أنفسنا وغيرنا على مواجهة تحديات العيش معا، مثل الفقر والحرمان والتهميش والتطرف والصراعات، فالأمم تحمي منجزاتها وتطلعاتها بمنظومة اجتماعية وثقافية من القيم والأخلاق والسلوك الاجتماعي والأفكار، لكن أيضا يجب أن يكون لديها الوعي الكافي بأهمية وقيمة التقدم، وبغير ذلك تهدر فرص التقدم والحياة الأفضل.
كيف تؤدي قيم التعايش مثل السلام والمحبة والتسامح والتعاون والاعتدال والصداقة إلى الازدهار والتقدم؟
إن الأمم تحمي مواردها بنظام اجتماعي قائم على السلام والتضامن والتعاون، وتنشئ قيم الاعتدال والتسامح الإبداع والتنوع والثقة والاستقرار، وبذلك تجتذب الكفاءات والأعمال والتجارة والسياحة والاستثمار، وتشجع الأسواق والمصالح ورأس المال المغامر، إذ تتحول إدارة المال من الادخار أو الاستثمار الكسول إلى مجالات حيوية تزيد التشغيل والمشاركة الاقتصادية والاجتماعية مثل الصناعات الإبداعية، وتطوير الحياة والمهارات، والمشاركة في الاقتصاد العالمي، وتزيد الثقة والتعاون بين الناس، وتنمو المعرفة والأعمال وتتطور، وتنخفض الأعباء والتكاليف الأمنية والإدارية .
وفي المقابل ثمة سؤال بديهي وتلقائي: كيف تؤدي قيم الكراهية والتعصب إلى الإضرار بحياة الأمم ومصالحها؟ إن الكراهية تؤدي إلى العنف والتعصب ثم الحاق الضرر بالذات والحضارة الإنسانية، فيقتل الناس بعضهم بعضا، وتختفي دول وحضارات، وتدمر المدن والقرى والمكتبات والمدارس، ويضطر الناس إلى ترك بلادهم والهجرة إلى غيرها، وتهاجر الكفاءات الضرورية للتقدم، ويعرض المستثمرون والسياح عن الدول غير المتسامحة، وتزيد الكلفة على الأسواق والمنتجات والسلع، وتقلّ فرص العمل وتحسين الحياة، وتتفكك المجتمعات بسبب الصراعات الداخلية والحروب والنزاعات.
إن الإنسان تحركه غريزتان أساسيتان، البقاء وتحسين البقاء، والبحث التأملي، وتتقدم الحياة وتتحسن بقدر ما يحقق الإنسان المعنى الذي يسعى إليه، فالمعنى يظل قيمة عليا تشغل الأمم والأفراد والمجتمعات والمؤسسات، ولذلك فإن جميع المؤسسات تبرر وجودها في صياغة مختصرة لرؤيتها ورسالتها؛ الرؤية ما نحب أن نكون، والرسالة ما يجب عمله لنكون ما نحب.
في البحث والتأمل لأجل تحسين البقاء والحياة تشكلت المعارف والأفكار؛ بما هي تصورات الإنسان عن ذاته وعن الحياة والكون والموت والمصير بعد الموت؛ هكذا نشأت الفلسفة؛ بما هي السؤال لأجل إدراك حقائق الأشياء، ثم الاجتماع الإنساني بما هو استيعاب تطبيقي وحياتي للسؤال والجواب؛ أو ما أنتجته الفلسفة والأديان، وكانت اللغة بما هي وعاء الأفكار والمعرفة وترميزها وتنظيمها، وتطور العلم بما هو إدراك الأشياء كما تفهمها الحواس، والفنون والآداب بما هي التعبير المحسوس عن الأفكار والمشاعر والبحث عن
الجمال، والتاريخ بما هو تسجيل التجارب الإنسانية على النحو الذي ينظم الأفكار فيما يحب الإنسان أو يريد أو يجب أن يكون عليه.
منحت الأفكار والمعارف بما هي محاولة الارتقاء بالذات الإنسان فعاليته الاجتماعية والروحية، ويفترض تبعا لذلك أن يصيبه الخواء عندما يحدث الانفصال بين الواقع وتصوراته عن الواقع، أو هو يرقى بذاته وموارده بقدر ما تقترب تصوراته التي أنشأها من الواقع. وتشكل الثقافة بما هي وعي الذات محصلة تفاعل الإنسان وتجاربه مع العمل والتأمل، وتتحول إلى دليل عملي لسلوك الإنسان من غير حاجة إلى البحث والتفكير في كل مرة يواجه فيها الإنسان موقف أو سؤال متواصل كيف يعيش حياته وكيف يتصرف، هكذا نشأت العادات والتقاليد والقيم والأعراف وأساليب الحياة في الطعام واللباس والعمارة والموسيقى والفنون، ..
إن الإنسان ينزع إلى الخير والسلام، ويتطلع على الدوام إلى الارتقاء بذاته وحياته وبالمعرفة والعلم، وتشكل هذه القيمة المؤسسة أفكار واتجاهات المشتغلين في الإصلاح وحل النزاعات والتدريب على التعاون والتعايش، ويشكل التواصل الاجتماعي أساس الحياة الاقتصادية والسياسية والثقافية للأمم،
وتتبع المجتمعات في علاقاتها وتجاربها القيم والأخلاق التي تنشئها أو تتواضع على احترامها، ثم تدور حولها المؤسسات السياسية والعامة أو تستهدف تغييرها وتطويرها الحركات والتيارات السياسية والاجتماعية، لكنها قيم وأخلاق يفترض أن ينشئها موقف عقلاني، فإذا لم تكن الأخلاق والقيم عقلانية، فإن السلوك السياسي والاجتماعي الفردي والجمعي يمكن أن يتحول إلى تسويات غير أخلاقية، ويزود التخلف بمبررات ومسوغات أيديولوجية أو اجتماعية وثقافية.
يبدأ الإصلاح بتقليل الفروق الاقتصادية والاجتماعية بين الفئات (ردم الفجوة الاقتصادية والاجتماعية) ودمجها معا بالعودة إلى قيم الطبقة الوسطى بما هي القائد والمرشد لجميع فئات المجتمع ومؤسساته.
يتكون هذا الكتاب من ستة أجزاء حسب مكونات الإصلاح والتقدم المقترحة، وهي إضافة إلى هذه المقدمة التي كانت بعنوان كيف تتقدم الأمم؛ الإدارة الكفية والعادلة للموارد أو التكوين الاقتصادي والتنموي، والحكم الرشيد أو التكوين السياسي والمدائني، والمجتمعات المستقلة ووعي الذات أو التكوين الاجتماعي
والثقافي، وقيم التقدم المستمدة من العيش معا والاعتدال والثقة ونبذ الكراهية والتطرف، وأخيرا استشراف مستقبلي مستمد من تصور أو نموذج مقترح للتقدم والتنمية.
وأخيرا يجب القول إن الكتاب عمل معرفي ثقافي؛ باعتبار أن المثقف يستخدم المعرفة لأجل رسالة اجتماعية، وقد يكون في ذلك تحيز من وجهة نظر أكاديمية أو منطقية، لكنه تحيز ضروري للتجسير بين المعرفة العلمية وبين الرسالة الاجتماعية. ومعلوم بالطبع إن الكفاءة المعرفية في أفضل حالاتها لا تغطي أكثر من خمس المعرفة المتاحة، وربما لا يكون لدى المؤلف من هذا الخمس أكثر من خمسه. إن المثقف كما يقول الفيلسوف الفرنسي ريجيس دوبريه على خلاف الباحث العلمي الذي ينظم نظرية أو يثبت وقائع هو من يصنع الرأي، ويرغب في التأثير في مسار الأمور واستمالة الناس، ولذلك فإن المؤلف في هذا الكتاب يحاول أن يساهم في إنشاء علاقة إيجابية مع المكان والموارد، وتحول التاريخ إلى عمليات حيوية متواصلة مستقلة عما يبذله باحثون وأكاديميون، ففي عشقهم للمكان ينشئ المثقفون انتماء يتسع لكل مواطن، ويتيح لنا أن نرى أنفسنا وننشئ وعينا لذاتنا كما نحب أن نكون.
فهرست
مقدمة: كيف تتقدم الأمم | |
التنظيم الاقتصادي والتنموي: إدارة وتنظيم الموارد بعدالة وكفاءةII1- الماء والطاقة II2- العمل II3- رأس المال البشريII4- التنمية البشرية II4-1 – الحرية الثقافية في عالمنا المتنوع II4-2 – المساواة تنمية: التشابه بين الطبقات في أسلوب الحياةII4-3 – تنمية للجميع II4-4 – التكامل الاجتماعي II5- مواجهة الفقر والتهميش II6- مواجهة الاقتصاد الرثّ II8- الدور الإنمائي المطلوب للدولة .. العدالة والحكم الرشيد وتمكين المجتمعات | |
الحكم الرشيد: تنظيم سياسي ومدائني لجميع الناس III1- الديمقراطية والعقد الاجتماعيIII2- الأحزاب والنخب السياسية III3- من الميكروفون إلى التراكتور .. الإصلاح السياسيIII4- المدن: إعادة تنظيم الدول والمجتمعات | |
رأس المال الاجتماعي والثقافي IV1- الثقافة بما هي وعي الذات IV2- التنمية ثقافةIV3- التقدم مستدلا عليه بالشعر والموسيقى والعمارةIV4- الثقافة كرأسمال بشري وتنظيم اجتماعي أخلاقي IV5- أسلوب الحياة .. لأجل حياة جديرة أن تعاش IV6- المجتمعات المستقلةIV8- كيف تساهم المجتمعات في الإصلاحIV8-1- مجتمعات في مواجهة الفساد | |
العيش معا .. قيم التقدمV1- الانتماء والمشاركة V2- المسؤولية الاجتماعية V3- الاعتدال V3-1- التسامح والتعاونV3-2- التفاعل الاجتماعيV3-3- الاستماع والحوارV3-4- الصداقة V3-5- حب الحياة V3-6- المحبة V3-8- الثقة V3-9- التطوعV4- اتجاهات ضد التقدم .. القسوة والتعصب والكراهيةV4-1 – القسوة V4-2 – التطرف والتعصب V4-3 – العنف V4-4 – الظلم V4-5 – التكفيرV5- التطرف بما هو نبل يتحول فساداV6- الازدهار هو الاعتدال والفشل هو التطرفV8- لماذا علينا مراجعة الثقافة السائدة؟ | |
المستقبل .. رواية للتنمية والتقدمVI1 – رواية للتنمية والتقدم VI2- بناء قيم التقدم والتعايش VI2-1- الذات الفاعلة VI3- السياسات الاجتماعية والاقتصادية المنشئة للتعايش والتنميةVI3-1- المنعة والتماسك الاجتماعيVI3-2- إدارة التنوع والتعددVI4- حرب الأفكار: كيف نحمي أنفسنا ومجتمعاتنا من الكراهية والتعصب |