حزيران 11, 2012
كان الأردن في أواخر عقد الثمانينات يجتاز منعطفاَ صعباَ على صعيد الاقتصاد الوطني، يستدعي تأمل الباحثين واهتمامهم. فإلى جانب جدوى الجهود التنموية المتواصلة وإثمارها على مدى عقود، أَفرِزت مثالبً بلغت أوجها التراكمي في أواخر ذاك العقد، مما حدا بمتخذي القرار الاقتصادي نحو إجراء مراجعات شاملة، تمخض عنها التوجه إلى برامج تصحيح للوضع الاقتصادي برمته.
تبلورت فكرة إقامة مؤتمر “تقييم المساعدات الاقتصادية الخارجية للأردن 1989-1999″، بقصد أن يتمخض عنه استشرافً واضحً لأهدافِ المانحين للمساعدات. إذ المعروف من دراسات سابقة أن أغراض المانحين وراء تقديم المساعدات الاقتصادية للدول النامية عديدة، وتنتظم ضمن محاور اقتصادية، وسياسية، واستراتيجية، وإنسانية، وغالباَ ما يترتب عليها مردود مناسب للدول المانحة، تضمنه شروطهم المفروضة على التصرف بهذه المساعدات وتدخلهم في توجيهها. وإلى جانب ذلك، كان الهدف التعرف على مدى كفاءة إدارة المساعدات محلياَ، وطبيعة السياسات النقدية والمالية المنفُذة، ومدى تناغم إيقاعاتها، وفاعليتها في تخصيص الموارد المتاحة، التي من ضمنها المساعدات، لتحقيق أهداف برنامج التصحيح والخطة الاقتصادية. إضافة إلى استطلاع تأثير متغير المساعدات الاقتصادية، و المتغيرات الأساسية الأخرى التي تستهدف السياساتَ المنفَُذة التحكمَ بها، مثل: الصادرات، والواردات، والإنفاق العام، والإيرادات العامة، والائتمان، وغيرها، على الناتج المحلي الإجمالي. وكان المؤمل كذلك أن تَناقَش مشكلتان أساسيتان هما: تراجع النمو الاقتصادي، واتساع دائرة الفقر، اللتان حازتا على أولوية الاهتمام في الخطة الاقتصادية ،وبرنامج التصحيح، الحاليين.
شارك في تقديم أوراق المؤتمر عدد من الباحثين الضالعين في التعامل مع المساعدات الاقتصادية الخارجية، من دول مانحة للمساعدات ومن مؤسسات محلية مرموقة.
واستغرقت وقائع هذا المؤتمر ست جلساتº وركزت الجلسة الأولى على استراتيجيات وسياسات المساعدات الخارجية من وجهات نظر المانحين. فمن المعروف أن للجهات المانحة، سواء أكانت دولاَ، أم هيئات، أم مؤسسات مالية، استراتيجياتها وسياساتها الخاصة بتقديم المساعدات الاقتصادية للدول التي ترغب في الحصول عليها. وقدمت في هذه الجلسة ورقتا عمل، كانت الأولى بعنوان: الدعم الأوروبي للأردن: وجهة نظر المانحين. في حين جاءت الورقة الثانية بعنوان: دور وكالة الولايات المتحدة للإنماء الدولي في الأردن USAID: وجهة نظر الجهة المانحة. وترأس هذه الجلسة الدكتور ميشيل مارتو، وزير المالية.
أما الجلسة الثانيةº فخصصت لموضوع المساعدات الخارجية والاقتصاد الأردني. وركزت الدراسة الأولى في هذه الجلسة على موضوع المساعدات الخارجية والنمو الاقتصادي في الأردن. وتناولت الدراسة الثانية دور السياسات النقدية في تفعيل عملية التصحيح الاقتصادي في الأردن. وكانت هذه الجلسة برئاسة الدكتور بسام الساكت، رئيس هيئة الأوراق المالية.
وخصصت الجلسة الثالثة لموضوع السياسات المالية وإدارة المساعدات الخارجية في الأردن. وتطرقت الدراسة الأولى في هذه الجلسة لموضوع السياسة المالية والتصحيح الاقتصادي. أما الدراسة الثانيةº فقد انصب اهتمامها على موضوع إدارة وفعالية المساعدات الخارجية. وترأس هذه الجلسة الأستاذ واصف عازر، وزير الصناعة والتجارة.
وتناولت الجلسة الرابعة، التي ترأسها الدكتور محي الدين توق، مدير عام التعليم في “الأونروا” و “اليونسكو”، بالتحليل والمناقشة موضوع المساعدات الخارجية وتخفيف الفقر في الأردن. وكانت الدراسة الأولى في هذه الجلسة حول حزمة الأمان الاجتماعي والمبادرة الأردنية في معالجة الفقر والبطالة وتفاعلها مع الجهات المانحة للمساعدات. واشتملت الدراسة الثانية على موضوع المنهجيات والدراسات لأغراض وضع البرامج لمواجهة الفقر في الأردن. أما الدراسة الأخيرة، فكانت لموضوع تخفيف الفقر في الأردن خلال عقد التسعينات.
وخصصت الجلسة الخامسة لموضوع تقييم المشاريع. واحتوت الجلسة على دراستين استعرضت الأولى موضوع إدارة معالجة الفقر في الأردن، مع تقييم نقدي للبنى والعمليات المؤسسية. كما جرى الحديث في الدراسة الثانية عن رسمنة الأنشطة غير الرسمية: والتوجه الجديد للحد من الفقر في الأردن. وترأس الجلسة الدكتور خالد الوزني، المدير العام للجمارك في الأردن.
أما الجلسة السادسة فقد كانت برئاسة الدكتور مفلح عقل، المدير الإقليمي لدائرة تسهيلات فروع الأردن في البنك العربي، وعنوانها “النمو الاقتصادي في الأردن”. وقدمت فيها دراسة بعنوان “معضلة النمو الاقتصادي الأردني في الأمد الطويل”.
وتضمنت الجلسة الأخيرة، تلخيصاَ لوقائع المؤتمر، وللأفكار الرئيسية والبحوث المقدمة، وبما دار من حوار في الجلسات السابقة، إضافة إلى ملاحظات جديدة ارتأى الزملاء المشاركون مناقشتها بعد أن برزت في ضوء المناقشات والأوراق التي قدمت. وجرى في هذه الجلسة نقاش موسع حول موضوعات المؤتمر المتعددة. وكانت هذه الجلسة برئاسة الدكتور أثيل الجومرد، رئيس وحدة الدراسات الاقتصادية في مركز الدراسات الاستراتيجية.
يضم هذا الكتاب وقائع المؤتمر، بما فيها من بحوث، ودراسات، ومناقشات. ومن المؤمل أن يجد فيه المهتمون بهذا الموضوع الفائدة المرجوة