كانون الثاني 24, 2017
د. محمد أبو رمان
ثمة خلط على أكثر من مستوى يقع فيه سياسيون وباحثون وإعلاميون عندما يتناولون ويقاربون الظاهرة السلفية في الأردن؛
الخلط، أولاً، بين الاتجاهات السلفية المتعددة والمتنوعة، والتعامل معها بوصفها كتلة صمّاء واحدة، وهذا خطأ كبير، فهنالك اختلافات وفروق كبيرة بينها، بخاصة تلك التي تتبنى عملاً راديكالياً والأخرى التي تتبنى العمل السلمي أو تلك التي لا تتدخل في السياسة وتعتبر أنّ مهمتها هي دعم الحكومات.
والخلط، ثانياً، بين الاتجاهات السلفية الحركية، عموماً، أي التي تتجسّد من خلال جماعات ومجموعات لها أهداف اجتماعية وثقافية، وبين السلفية كثقافة دينية أخذت تنتشر في المجتمع الأردني منذ قرابة ثلاثة عقود ونصف، وتحديداً مع الازدهار النفطي في السعودية ونشاطها في نشر الدعوة السلفية في العالم، وفي المنطقة العربية بصورة خاصة.
لذلك تسعى هذه الورقة إلى تقديم مقاربة منهجية للظاهرة السلفية في الأردن، عبر الإشارة أولاً إلى المدخل التاريخي وانتشار السلفية في البلاد والمراحل التي مرّت بها، وثانياً التمييز بين السلفية بوصفها حركة اجتماعية- دينية وبوصفها ثقافة وفكراً عاماً، ثم نتناول التيارات السلفية المتعددة والأفكار الحاكمة لكلّ منها، والمؤشرات المرتبطة بحالتها الراهنة، ثم محاولة استقراء الشروط المؤثرة على تطورها وتحولاتها المستقبلية.
1-العبور السلفي
امتاز الأردن تاريخياً، وإلى مرحلة السبعينيات من القرن الماضي، بانتمائه إلى الثقافة الشامية الصوفية الحنفية أو الشافعية، ومن يعود إلى المؤسسات الدينية الرسمية، ومن بينها مؤسسة الافتاء في الجيش الأردني أو حتى مؤسسة الافتاء الحالية، أو إلى الكتب الدينية المنهجية القديمة أو إلى الشيوخ البارزين في العقود السابقة حتى بداية الثمانينيات؛ سيجد أنّ الثقافة المهيمنة كانت أقرب إلى الصوفية والشافعية، فيما كانت السلفية حتى بداية الثمانينيات تتمثل بمجموعة من الأفراد المتأثرين بالمدرسة السلفية، من دون أن يكون لهم حضور بارز أو تأثير كبير في المجتمع ولا حركة تحمل هذا الفكر الديني.[1]
نقطة التحول الكبرى كانت في بداية الثمانينيات عندما استقر في الأردن أحد أبرز أعلام السلفية المعاصرة، محمد ناصر الدين الألباني، بعدما اختلف مع علماء السلفية في السعودية على قضايا فقهية، فقرر الاستقرار بعمان، لعدم رغبته في العودة إلى سورية التي يحمل جنسيتها (وأصوله ألبانية).
بالرغم من أنّ السلطات الأردنية منعت الألباني من إعطاء دروس في المساجد والمنتديات العامة، تحت ضغط التيار الصوفي والشافعي النافذ حينها، إلاّ أنّ أتباعه ومريديه بدؤوا يتكاثرون ويعلنون عن أنفسهم وأفكارهم بصراحة أكبر، وتحول منزله الخاص إلى مركز للتعليم ونشر الفكر السلفي في أنحاء البلاد.[2]
عزز من تأثير الألباني ومجموعته مناخ الثمانينيات (1980-1989)، إذ بدأ بالحرب الأفغانية وباغتيال السادات والثورة الإيرانية في المنطقة، والصعود المتسارع لما يسمى بالصحوة الإسلامية في المنطقة، بالتزامن مع أحداث حماة في سورية ولجوء نسبة كبيرة من التيار السلفي السوري إلى الأردن، حتى من أولئك الإخوان المسلمين السوريين، الذين كانوا منقسمين بين مدرسة صوفية وأخرى سلفية في انتماءاتهم الفكرية والدينية.
هذا وذاك مع ثورة النفط وارتفاع أعداد الأردنيين الذين يعملون في الخليج (حيث الدعوة السلفية تحظى بالقوة والحضور والأثر الاجتماعي البالغ) والطلاب الذين تدرسهم الحكومة السعودية في جامعاتها علوم الشريعة وفق المنهج السلفي، وازدياد نشاط وتأثير الدعاة السلفيين السعوديين عبر الكتيبات والأشرطة والخطب مع ازدهار رحلات الحج والعمرة من الأردن إلى السعودية.
كانت مرحلة الثمانينيات بمثابة العقد الذهبي لعبور السلفية إلى المجتمع الأردني وانتشارها وظهورها السريع في المجتمع، وهو الظهور الذي جاء عبر مراحل متسلسلة متتابعة بدأت بانتشار مجموعة من الوعاظ والشيوخ والدعاة الذين يبشرون بالأفكار السلفية دينياً، وكانت اهتماماتهم في البداية محض فقهية ودينية، مثل كيفية الصلاة وكيفية لباس الرجل والمرأة، واللحية وطريقة الاقتداء بالنبي محمد، وغيرها من شعائر دينية متنوعة.
المفاهيم السلفية الجديدة اصطدمت مع التيار الصوفي في البلاد، الذي شنّ هجوماً مضاداً في الخطب والمواعظ ضد السلفيين، ودخل شيوخ معروفون في الصوفية مثل علي الفقير، الذي كان حينها في الافتاء العسكري، في صدام مع السلفيين، وظهرت الخلافات في المساجد بين الطرفين.
ساعدت الظروف السابقة السلفيين على نشر أفكارهم ومعتقداتهم، ولم يكونوا يظهرون كحركة مجتمعية، بل كأفكار وثقافة جديدة، وهذه الثقافة اخترقت حتى جماعة مثل جماعة الإخوان المسلمين، التي كان عدد كبير من أفرادها يدرسون أو يعملون في السعودية، وحدث تأثر كبير بالسلفية بصورة عامة، ومن الملاحظ أنّ هذا التأثير تزامن – أي في الثمانينيات- وتزاوج مع تأثر السلفية السعودية في تلك الفترة بأفكار إخوانية، جراء الدور الذي قام به إخوان سوريون ومصريون في التدريس والتعليم في السعودية والخليج، مثل محمد قطب ومحمد بن نايف سرور زين العابدين وعبد الرحمن عبد الخالق وغيرهم، ما ولّد في الخليج العربي اتجاهاً يجمع بين السلفية والعقيدة والشريعة والرؤية السياسية الإخوانية، وهو الاتجاه الذي أٌطلق عليه الحركي- أو الإصلاحي، وتأخر ظهوره في الأردن إلى بداية التسعينيات.[3]
مع نهاية الثمانينيات كان هنالك حضور ملحوظ للتيار السلفي على أكثر من صعيد، الأول تلاميذ الشيخ ناصر الدين الألباني، الذين أصبح بعضهم مشهوراً ومعروفاً في الأوساط الدينية في الداخل والخارج، وأخذوا ينشرون المعرفة السلفية ولهم مريديون في كثير من دول العالم، مثل محمد إبراهيم شقرة، وعلي الحلبي ومشهور حسن وسليم الهلالي وحسين العوايشة وغيرهم.
والمستوى الثاني هي الثقافة السلفية التي لم تعد جديدة أو غريبة، فاستطاعت خلال فترة قصيرة من غزو المجتمع الأردني والاستتباب فيه والتجذّر، حتى أصبحت هي الثقافة السائدة بينما تراجع وتبدد الحضور الصوفي، مع تراجع دور المؤسسات الدينية التقليدية، بخاصة الافتاء في القوات المسلحة، وأصبح الحضور السلفي بارزاً أيضاً في وزارة الأوقاف الإسلامية وفي داخل الحركات الإسلامية الأخرى، مثل جماعة الإخوان المسلمين، فبرزت قيادات إخوانية ذات توجهات سلفية واضحة، مثل د. عمر الأشقر، ود. محمد سليمان الأشقر، ود. محمد أبو فارس، ود. همام سعيد، وغيرهم من عشرات القيادات والأكاديميين الأخوان المسلمين، الذين يتبنون التفسيرات السلفية للشريعة، وكذلك الحال بالنسبة لنخبة من الأساتذة الذين درسوا في السعودية أو الخليج أو حتى في دول أخرى وأصبحوا سلفيين مستقلين، مثل د. محمد أبو رحيم، ود. مروان القيسي ود. عبد الرزاق أبو البصل، ود. ياسر الشمالي، فأصبح هؤلاء الأكاديميون بمثابة طبقة عريضة تدرس في كليات الشريعة في الجامعات الأردنية.
2-الصراع بين “السلفيات”؛
تزامن عقد التسعينيات مع بروز الاتجاهات السلفية الجديدة في السعودية والخليج، ومع دخول صدام حسين إلى الكويت ثم حرب الخليج في العام 1991، وما أثارته من نقاشات عاصفة في أوساط السلفية السعودية، بين مؤيد للاستعانة بالقوات الأميركية ومعارض لها، فانقسمت التيار السلفي السعودي إلى ثلاثة أقسام رئيسة؛ الأول هو التقليدي ويتمثل في هيئة كبار العلماء، الشيخ عبد العزيز بن باز وابن العثيمين وكان مع الاستعانة بالقوات الغربية، والثاني يتمثل بشباب صاعدين في السلفية السعودية، لهم آلاف الأتباع والمريدون مثل سفر الحوالي وسلمان العودة، وهم الذين أطلق عليهم التيار الإصلاحي، والثالث هو تيار أطلق عليه الجامي (نسبة إلى شيخه محمد آمان الجاميّ) وهو متشدد في عداء التيارات الإسلامية الأخرى وفي التـأكيد على تحريم السياسة وضرورة طاعة الحكام.[4]
انتقلت الخلافات السلفية السعودية إلى الأردن، وظهرت في البداية عبر الاختلاف بين الشيخ ناصر الألباني وأتباعه من جهة والشباب السلفي الجديد الذي يتأثر بالحركة الإصلاحية في السعودية، والذي قام في منتصف التسعينيات بتأسيس جمعية الكتاب والسنة، كتعبير عن التوجه السلفي الجديد، الذي ينزع نحو الانخراط في المجتمع والعمل العام، وعدم الاقتصار على نشر التعاليم الدينية فقط في المساجد ودروس العلم.[5]
في مرحلة لاحقة، في منتصف التسعينيات، وكأحد الارتدادات الأخرى على حرب الخليج 1991، ودخول العرب في مفاوضات السلام، وتراجع العملية الديمقراطية التي بدأت في كثير من الدول العربية، ثم انتكست لاحقاً، كما حدث في الجزائر بعد العام 1992، والأردن بصورة ناعمة مع تشريعات وقوانين أقرت لتقليص قوة الإسلاميين الكبيرة في الشارع، كل ذلك أدى إلى صعود جماعات واتجاهات راديكالية كانت متأثرة بالبدية بأفكار سيد قطب، وبأفكار السلفية الإصلاحية السعودية، ثم مع ظهور كتب شخص اسمه أبو محمد المقدسي، الذي سيصبح أحد أبرز منظّري السلفية الجهادية في العالم، أخذ التيار السلفي الجهادي بالتبلور والتشكّل والصعود في الأردن.
المقدسي الذي جاء من الكويت عقب أحداث الخليج 1990، كان يحمل فكراً سلفياً ثورياً على الحكومات والحكام، وأصبح ما يقدمه بمثابة الماء الذي يروي العطش الراديكالي للشباب الغاضبين والمحبطين مما يحدث في المنطقة، ومن دخول الأردن مفاوضات السلام. ولم يؤثر اكتشاف أمره واعتقاله مع تلميذه المقرب أحمد الخلايلة (الملقب أبو مصعب الزرقاوي) ومجموعة أخرى أطلق عليهم تنظيم “بيعة الإمام” على انتشار التيار، بل عزز من انتشاره في السجن وخارج السجن، وأصبح هنالك مئات الأتباع من مريدي السلفية الجهادية.[6]
في النصف الثاني من التسعيينات كانت لدينا ثلاثة اتجاهات سلفية!
الاتجاه الأول هم أتباع الشيخ ناصر الدين الألباني، الذين أطلق عليهم السلفيون التقليديون أو المحافظون أو الألبانيون، وهم الذين يرفضون الدخول في العمل السياسي والحزبي، ويقتصرون عملهم على الجانب العلمي والدعوي، ومبدأهم الواضح في هذا هو “التصفية والتربية”، أي تنقيح علوم الدين وتربية الناس عليها، أما موقفهم من العمل السياسي فيمكن اختصاره بعبارة شهيرة لشيخهم الألباني وهي “من السياسة ألا نتحدث في السياسة”.
الاتجاه الثاني وهو السلفي الإصلاحي ويتمثل في جمعية الكتاب والسنة، وهو اتجاه سلفي في عقيدته الدينية وتفسيره للدين، لكنّه يؤمن بالتنظيم ولا يحارب الإسلاميين، وأقرب إلى المزاج المعارض لسياسات الدولة، لكنه لا يؤمن بالعمل المسلّح.
الاتجاه الثالث هو الاتجاه الصاعد الراديكالي المتأثر بأفكار أبي محمد المقدسي والزرقاوي، ويؤمن بأن النظام السياسي العربي كافر، وأنّ الطريق الوحيدة هي المواجهة المسلّحة بين الطرفين (الجهاديين والأنظمة)، ويرفض طرق الجماعات الأخرى السلمية والدعوية في التغيير. [7]
3-الانشطارات “داخل السلفيات” نفسها؛
مع بداية الألفية الجديدة (عام 2000) بدأت الخلافات والانشطارات داخل كل تيار سلفي من التيارات السابقة تبرز، لينشق التيار نفسه أو ينقسم على نفسه وتتوزع الاتجاهات السلفية إلى خريطة أكثر تعقيداً وتنويعاً.
التيار المحافظ شهد وفاة شيخه ناصر الدين الألباني في العام 2000، ما أدى إلى صراع بين الأقطاب على وراثة المشيخة، في تيار تقوم العلاقة بين أفراده على منطق الشيخ والتلاميذ. وبالرغم من تأسيس مركز الألباني للدراسات الإسلامية، إلاّ أنّ الخلافات استمرت في الظهور، وأدت إلى إقصاء عدد من أبرز القيادات المعروفة وتلاميذ الشيخ الألباني المقربين، وأصبح كل من علي الحلبي ومشهور حسن هما الزعيمين المعروفين لهذا التيار، لكنّ الحلبي أيضاً دخل في صراع فكري أيضاً مع مجموعة من شيوخ التيار السلفي السعودي.[8]
التيار الإصلاحي، أي جمعية الكتاب والسنة، عانت من ضياع الهوية وارتباكها، بين مجموعة سلفية جهادية دخلت تحت عباءة الجمعية ومجموعة أخرى تؤمن بالعمل السلمي، وظهرت التباينات في خطاب الجمعية وأثرت الخلافات الداخلية على هويتها واستقرارها، وكادت الحكومة أن تغلقها أكثر من مرّة، كان يكتشف وجود عناصر مؤيدة للسلفية الجهادية في أوساط الجمعية ومؤيديها.
لكن الجمعية تمكّنت من الخروج من هذا الارتباك لاحقاً، وتحديد هويتها بصورة أكثر قوة وصرامة، وتخلصت من المراكز والأشخاص القريبين من الخط السلفي الجهادي، وأصبحت تعمل في نطاق العمل السلمي الخيري أكثر.[9]
التيار الثالث الذي عانى من الانشقاق والانقسام الداخلي هو التيار السلفي الجهادي، فقد خرج المقدسي والزرقاوي من السجن في آواخر العام 1999، بعفو ملكي، لكن الزرقاوي فضّل السفر إلى أفغانستان، ليقوم بالمعارضة من الخارج وتكوين جماعته هناك، ومن ثم انتقل إلى العراق مع بدء الاحتلال الأميركي في العام 2003، وأسس جماعته المعروفة التوحيد والجهاد، وانضم بجماعته إلى القاعدة في العام 2004، وأصبح أحد أبرز المطلوبين للولايات المتحدة الأميركية، وخطط عملية تفجيرات الفنادق في عمان 2005، لكنه قتل في العام 2006 بغارة أميركية.
لم تمت جماعة الزرقاوي بعده، وأصبحت هي ما نراه اليوم “تنظيم الدولة الإسلامية” (داعش)، الذي بقي أميناً على أفكار الزرقاوي ونهجه المتشدد أكثر من القاعدة نفسها.
على العموم بدأت الخلافات داخل هذا التيار تظهر في مرحلة مبكّرة في السجن بين الزرقاوي والمقدسي، لكنها لم تكشف إلى العلن إلا بعد أن أصدر المقدسي رسالته الشهيرة (في العام 2005)، بعنوان الزرقاوي مناصرة ومناصحة، وذكر فيها انتقادات حادة للزرقاوي، ولاحقاً بعد مقتل الزرقاوي أصبح المقدسي أكثر جرأة في التعبير عن الخلافات العميقة بينه وبين الزرقاوي، ما أدى إلى انقسام التيار إلى قسمين؛ أتباع المقدسي وأتباع الزرقاوي.[10]
4-السلفيون في حقبة الربيع العربي وما بعدها؛
حملت حقبة الربيع العربي، أي الثورات الشعبية التي اندلعت منذ العام 2011، تغييرات وتحولات ملحوظة في واقع التيارات السلفية السابقة، فالثورات الشعبية – التي اندلعت في كثير من الدول العربية وأدت لاحقاً إلى إسقاط زعيمين عربيين، حسني مبارك وزين العابدين- نسفت البنية الأيديولوجية لكل من الجهاديين والمحافظين على السواء، تلك البنية التي كانت تستعدي الديمقراطية ولا ترى بأن الثورات السلمية يمكن أن تأتي بنتيجة، وتبتعد عن العمل السياسي العام.
كل من المحافظين والراديكاليين صُدموا بالثورات الشعبية. فالمحافظون الذين كانوا يقولون بأنّ التغيير السلمي غير ممكن، وأن الأضرار نتيجة محاولة الخروج على الحاكم أكبر من المنافع التي قد تترتب على الخروج السلمي، ودافعوا عن نظريتهم بوجوب طاعة الحاكم وبعدم التدخل في السياسة وجدوا أنفسهم خارج السياق الشعبي العام، بخاصة بعدما قرر التيار السلفي العام في مصر الولوج إلى العمل الحزبي والسياسي، واجتمعت قوى سلفية في اسطنبول في شهر ديسمبر 2011 وقررت القيام بتحويلة في مسار العمل السياسي السلفي عبر اقتحام الحياة الحزبية والانتخابات.
أما الجهاديون فكانت أيديولوجيتهم تقوم على عدم جدوى العمل السلمي أيضاً، لكن النتيجة وفق هذا المنظور لم تكن طاعة الحكام، بل على النقيض من ذلك تماماً الثورة عليهم والخروج المسلح والمنازلة العسكرية مع الأنظمة العربية إلى أن تسقط. بالطبع جاءت الثورات الشعبية بأخبار مختلفة تماماً، في البدايات، فأثبتت الثورات السلمية نجاعتها في مواجهة الحكام، من جهة، وتبين أنّ المطالب الشعبية هي بإقامة الديمقراطية والعدالة والحرية، وليس نظاماً أصولياً على غرار ما تحلم به الحركات السلفية الجهادية.
وحدهم السلفيون الإصلاحيون وجدوا أنّ الثورات الشعبية تؤكد ما ينادون به من ضرورة الاندماج في العمل السياسي والحزبي وإمكانية التغيير السلمي في العالم العربي، لكنّهم وجدوا أنفسهم أمام تحديات أخرى، وهي عدم قدرتهم على تنظيم أنفسهم بصورة كافية ليشكلوا تياراً متجانساً متسقاً في مواجهة التيارات الأخرى، وثانياً عدم رغبة الدولة بولادة تجربة حزبية سلفية، وثالثاً عدم وصولهم بعد إلى المرحلة التي يتبنون فيها الديمقراطية بصورة كاملة.
5-المحافظون..زعزعة القيادة وأجيال جديدة؛
خلقت الثورات الشعبية جلبة وبلبلة في أوساط السلفية المحافظة، بخاصة مع إقدام السلفيين المصريين على تأسيس أحزاب سياسية. إذ ألف شيخ السلفيين المحافظين الأردنيين، علي الحلبي كتباً في عدم جواز المظاهرات، وكتب في عدم قبول خوض غمار التحول نحو العمل السياسي وأصرّ على موقفه الأيديولوجي والفكري، وهكذا انحازت قيادة هذا التيار للتمسك بخياراتها السابقة.
في الوقت نفسه زاد حجم التمرد وتوالت الاختلافات الخلافات في الظهور في أوساط التيار، وأخذت الشكوك تطاول شرعية القيادة الحالية، ما أدى إلى تصدعات كبيرة في وحدة التيار.
في المقابل بدأ جيل جديد من الصف القيادي الأكاديمي في التيار بالبروز، ويحمل أفكاراً مختلفة وأكثر تأثراً بلحظة الربيع العربي، وبدأ يقترب أكثر من وجهة التيار الإصلاحي بضرورة الانخراط في العمل السياسي والعام والخروج من التقوقع على الدروس العلمية في المساجد.
الجيل الجديد ممن يحملون شهادة الدكتوراه في الشريعة الإسلامية ومن طلاب الدراسات العليا، ومن الشباب الذين يشعرون بتحرر أكبر في التعبير عن أراء غير مستساغة في أوساط التيار، ما عزز من حالة التشتت الداخلي وغياب الأفق الواضح للمرحلة القادمة، ومن المتوقع أن تستمر هذه الحالة خلال الفترة القادمة، لكن مع تمدد أكبر للجيل الجديد الذي يؤمن بضرورة إجراء تحويلة في المسار العام للتيار.
من المتوقع، أيضاً، أن تؤدي الشروخ في أوساط التيار المحافظ إلى تشظيه أكثر وإلى بروز اتجاهين رئيسين داخله؛ الأول الملازم للمقولات التقليدية المعروفة، من عدم التدخل في السياسة، لكن هذا الاتجاه بدوره مع بروز الخلافات بين القيادات قد يعزز من تحول التيار إلى جزر متفرقة تتمثل بمريدين يلتفون حول كل شيخ ويقتصر اهتمامهم على الشأن العلمي.
أما الاتجاه الثاني، والمرتبط بالجيل الجديد فمن المتوقع أن يستمر في سيره نحو التحول إلى الصيفة الإصلاحية والتنظيمية، ويحاول أن يعبر عن نفسه بطرح جديد وخطاب مختلف، ينحى إلى المسار السياسي والإصلاحي العام، وقد يقترب مع بعض شرائح التيار السلفي الإصلاحي.[11]
6-الإصلاحيون .. غياب القيادة وارتباك الأولويات
تفاعل التيار الإصلاحي، في البداية مع الثورات الشعبية العربية، فحاول بعض الناشطين فيه الاقتداء بالتجربة السلفية المصرية، عبر إنشاء حزب سياسي، لكن موقف السلطات المتحفظ على التجربة الجديدة دفعهم إلى التراجع عن الفكرة. وبدلاً من ذلك وجد القائمون على جمعية الكتاب والسنة أنفسهم على تماس مباشر مع الثورة السورية، بخاصة موضوع اللاجئين، فكرست الجمعية أولوياتها واهتماماتها في العمل الخيري المرتبط بمساعدة اللاجئين السوريين، وتحول الشطر الرئيس والكبير من عملها إلى هذا المجال.
توسع عمل جمعية الكتاب والسنة في الأعوام 2011-2015 وفتحت مراكز متعددة، ووسعت شبكتها التعاونية على مستوى إقليمي، لتفتح الباب لتبرعات وتنظيم العمل الإغاثي المرتبط باللاجئين، وتعاونت مع المؤسسات الرسمية الأردنية المتخصصة في الإغاثة، وأصبحت عملياً مرتبطة بهذا المجال الحيوي.
بالإضافة إلى هذا الاهتمام ما تزال لدى الجمعية اهتمامات فكرية في تدريس العلوم السلفية، وفي تكريس جزء من خطابها ومنشوراتها للرد على الشيعة والتحذير من النفوذ الإيراني في المنطقة العربية، وغابت خلال اللحظة الراهنة فكرة الانتقال إلى تأسيس حزب سياسي سلفي في الأردن، بخاصة مع تدهور مسار الثورة المصرية، بعد الانقلاب العسكري في 3 يونيو 2013.
بالرغم من أن الجمعية حققت نجاحاً ملموساً على صعيد العمل الخيري والانتشار خلال الفترة الماضية، إلا أنها تواجه أكثر من تحدي؛ الأول يتمثل في غياب القيادات التي تمثل مرجعية كبرى للتيار، مثلما هي الحال في التيارات السلفية الأخرى، فهنالك العديد من الشباب الناشط، والمثقف، لكن لا يوجد اتفاق عام على قيادي داخل التيار، يمثل مرجعية علمية أو فكرية، لذلك تتباين مرجعيات أبناء التيار في الخارج والداخل، بين شيوخ مختلفين.
التحدي الثني أنه في مقابل نجاح التيار في العمل الإغاثي، فليس واضحاً بعد أفق التيار القادم، هل سيبقى مرتكزاً على هذا الجانب، وفيما لو تراجع الدعم المالي لقضية اللاجئين، وهل هنالك تفكير في اهتمامات وأولويات أخرى، وما هي هذه الأولويات؟ هل سيتم التفكير مجدداً في العمل العام أو تأسيس حزب سياسي أو حتى الدخول إلى اللعبة السياسية كجماعة ضغط؟
لذلك، لا تبدو، أيضاً، الصورة المستقبلية لهذا التيار واضحة بعد، وإن كان هنالك احتمال كبير لأن تتجمع أصوات الشباب الجديد من التيار المحافظ، الذي تحدثنا سابقاً عن نزوعه نحو العمل العام، مع أصوات شباب من هذا التيار لاجتراح تحويلة في المسار القادم، وتجميع التيار السلفي في أطر تنظيمية تمهيداً لتقوية حضوره العام واقتحامه العمل السياسي.[12]
7-التيار السلفي الجهادي؛ الانقسام والانتشار؛
شهد التيار السلفي الجهادي بدوره تطورات وتحولات نوعية منذ لحظة الربيع العربي، وكانت المحطة الأولى في التفاعل في قيامه بتنظيم مسيرات سلمية تطالب بإطلاق سراح معتقلي التيار، وتحسين الظروف الخاصة بهم في السجون، واستطاع أنصار التيار تنظيم مسيرات عدة، في أكثر من مدينة، شارك فيها المئات.
بالطبع لم تكن المسيرات ضمن جدول أعمال التيار الجهادي، لكن أنصاره حصلوا على موافقة من شيخهم المقدسي، في سجنه، بتنظيم المسيرات، وبدأت أفكار تتداول في أوساط نخبة مقربة من المقدسي تتحدث عن مبدأ “سلمية الدعوة” في الأردن، وهو تحول نوعي في أفكار التيار بخاصة المؤيد للمقدسي.
مؤيدو الزرقاوي لم يوافقوا على المسيرات، ورأوا أنها تغاير منهج التيار الذي يؤمن فقط بالعمل المسلح في التعبير عن مواقفه.
لم يكتمل مشهد المسيرات، إذ حدث صدام عنيف بين رجال الأمن وأنصار التيار خلال مسيرتهم بالزرقاء، في منتصف نيسان 2011، ما أدى إلى اعتقال وسجن المئات منهم، وتحويلهم إلى محكمة أمن الدولة بتهمة الاعتداء على رجال الأمن بالأدوات الحادة، وساهمت هذه المسيرات بتأزيم العلاقة بين الدولة والتيار أكثر مما مضى.[13]
بدأت المئات من أبناء التيار يتسربون ويتسللون إلى سورية في مرحلة لاحقة، وانضم أغلبهم إلى جبهة النصرة في البداية. ثم انتقل الخلاف بين جبهة النصرة وتنظيم داعش إلى الأردن، حيث وقف شيوخ السلفية الجهادية ومنظّريها المعروفين، أبو قتادة الفلسطيني وأبو محمد المقدسي مع النصرة، فيما وقفت شريحة واسعة عريضة من أبناء السلفية الجهادية مع داعش.
في مرحلة لاحقة، في العام 2016 حدثت مواجهات بين أنصار داعش وقوى الأمن في مدينة إربد، وأسفرت عن مقتل ضابط وعدد من المطلوبين، ثم قام أحد أنصار داعش بالهجوم على مكتب لمخابرات البقعة وقتل عدداً من المنتسبين، قبل ذلك كان ضابطاً في الأمن الأردني – يعتقد أنه ذئب منفرد- بالهجوم على مركز لتدريب الشرطة والعسكريين، في مركز الموقر العسكري.
ثمة العديد من المؤشرات المهمة التي تدل على أن هنالك طفرة في عدد المتأثرين بالسلفية الجهادية، بخاصة من أتباع فكر داعش في المجتمع الأردني، وأن هنالك جيل جديد ليس له سابقة معروفة في التيار السلفي الجهادي، ينتمي أفراده إلى الطبقة الوسطى والمتعلمة مغايراً بطبيعته للصورة التقليدي لأبناء السلفية الجهادية عموماً.
لا تبدو صورة المستقبل أكثر وضوحاً لدى هذا التيار مقارنة بالتيارين السلفيين الآخرين (المحافظ والإصلاحي)، لكن هنالك أسئلة معلقة مهمة جداً مرتبطة به وبالمجتمع عموماً؛ ولعل السؤال الأول ماذا ستكون نتيجة أو انعكاس هزيمة محتملة لداعش في العراق وسورية على أنصاره وجاذبيته؟ وكيف سيكون سلوك العائدين من هناك؟ وهل ستنجح خطط الدولة في مكافحة التطرف والإرهاب واستيقاظها على هذا الخطر الكامن في الداخل من تحجيمه والحد من انتشاره وصعوده؟
الجواب على هذه الأسئلة مرتبط بالظروف والشروط التي تنتج صعود التيار وتساهم في انتشاره، وفي جزء كبير منها شروط موضوعية، سياسية واقتصادية ومجتمعية، فسياسياً تلعب الجغرافيا دور كبير جداً على أكثر من صعيد، الأول الأزمة السنية في العراق وسورية، والفوضى الإقليمية، والثانية القضية الفلسطينية، وهنا تتعانق الجغرافيا مع الديمغرافيا، نظرا لوجود نسبة كبيرة (قرابة النصف) من الأردنيين من أصول فلسطينية، ما يغذي دوماً سؤال الهوية الذي يمثل أحد مصادر التجنيد والدعاية لدى هذه الجماعات، بالإضافة إلى الشروط الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المختلفة، التي تساهم بصورة وبأخرى في تدعيم خطاب التيار أو تحجيمه.
8-سياسة الدولة تجاه السلفيين؛
تغلب البعد الأمني- السياسي في ترسيم السياسة الرسمية في التعامل مع الحركات الإسلامية عموماً والتيارات السلفية خصوصاً. فلم يكن هنالك سياسة تنويرية أو دينية معينة للدولة، بقدر ما كان المعيار المهم هو مدى اصطدام أو توافق تلك الحركات مع اعتبارات الدولة الأمنية وسياساتها العامة.
وفي مرحلة التحول في العلاقة بين الدولة وجماعة الإخوان المسلمين، مع عقد التسعينيات، استعانت أجهزة الدولة بالتيار السلفي التقليدي لمواجهة الإخوان وصعود السلفية الجهادية، فوفر لها هذا التيار فتاوى ومواقف مريحة ضد المعارضة السياسية، سواء كانت السلمية أو المسلحة.
على الطرف المقابل اتخذت الدولة موقفاً متشدداً صارماً من التيار السلفي الجهادي، منذ بداية صعوده، ووصل عدد القضايا التي تم تحويلها إلى محكمة أمن الدولة مئات القضايا، وآلاف الأفراد الذين اعتقلوا وحولوا إلى القضاء وحوكموا.
في العامين الآخيرين طرأ تحول ملحوظ على سياسة الدولة تجاه هذا التيار، وتمثل ذلك بالتمييز بين مؤيدي جبهة النصرة ومؤيدي تنظيم داعش. إذ حاولت الدولة توظيف فتاوى ومواقف قادة السلفية الجهادية، مثل المقدسي وأبي قتادة الفلسطيني ضد تنظيم داعش والتيار المؤيد له، وهنالك تفاهمات غير معلنة ولا مكتوبة بين الدولة وأقطاب هذا التيار تتمثل بتحديد المساحات التي يمكن أن يتحدثوا فيها ويتحركوا من خلالها، مقابل عدم سجنهم، والسماح لهم بنطاق محدود من الحركة.
أما التيار السلفي الإصلاحي، فقد ضغطت عليه أجهزة الدولة خلال الفترات السابقة ليتخلص من علاقته بالتيار السلفي الجهادي، وهي المحاولات التي نجحت مع جمعية الكتاب والسنة السلفية، التي تبدو علاقتها بالدولة أفضل من الأوقات السابقة، وإن كانت محجّمة في إطار محدد من النشاط المسموح به، بخاصة في المجالين الديني والخيري، مع عدم السماح لها بأي نشاط سياسي وحزبي حتى الآن.
التطور الآخر الجديد على صعيد علاقة الدولة بهذه الجماعات يتمثل بتنامي القناعة السلبية في مراكز القرار ضد الفكر السلفي عموما وتحميله مسؤولية تفريخ الفتاوى والأفكار المتطرفة، بخاصة مع صعود داعش والربط بين ما تقوم به وبين جذورها الفكرية السلفية، وكان لاستخدام التنظيم لفتوى العالم الإسلامي، ابن تيمية (المعروف بوصفه مرجعية فقهية ودينية للسلفيين عموماً؛ الراديكاليين والسلميين) دور فاعل في دعم الصوت السياسي المعادي للسلفيين عموماً، بل ووجود لغط حول منع الأردن كتب ابن تيمية من الدخول إلى المملكة.
لم تتحول سياسة الدولة من التيار السلفي التقليدي، لكن أصبح هنالك اتجاه رسمي وسياسي وثقافي يرى أن السلفيين جميعاً يصبون في نهر واحد وهو تعزيز التطرف الديني في المجتمع. لذلك لم يعد هناك اتفاق في دوائر القرار في تفضيل توظيف التقليديين في مواجهة الجهاديين، وعزز من الحد من أهمية التيار التقليدي بالنسبة للدولة الانقسامات داخل هذا التيار والمشكلات الداخلية التي تواجهه وأثرت على مصداقيته ووحدة أتباعه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1] انقسمت المدارس الإسلامية السنية التاريخية بين أكثر من اتجاه؛ لكن الصراع استمر بين اتجاهين اثنين؛ الأول هو السلفي، الذي يمثل امتداداً لمن أطلقوا على أنفسهم “أهل الحديث” في التاريخ الإسلامي، والثاني هو الاتجاه الصوفي الأشعري، والفرق بينهما في الأساس مرتبط بخلافات ميتافيزيقية ودينية، في تأويل صفات الله، ثم في أهمية المصادر المعرفية والتشريعيةـ وأهميتها في الإسلام. فالسلفيون يعطون الحديث النبوي؛ أي ما ورد عن النبي أهمية كبيرة في مصادر التشريع، بينما الصوفيون والأشاعرة يعطون الرأي أهمية كبيرة، وهنالك بالطبع خلافات أخرى، مثل تأويل القرآن والنصوص الدينية وغيرها من قضايا دينية. انظر مزيد من التفاصيل: انظر: محمد عمارة، تيارات الفكر الإسلامي، دار الشروق، القاهرة، ط2 1997، ص125-200. وحسين سعد، الأصولية الإسلامية العربية المعاصرة بين النص الثابت والواقع المتغير، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط1، 2005، ص79-93.
[2] انظر: محمد أبو رمان وحسن أبو هنية، الحل الإسلامي في الأردن: الإسلاميون والدولة ورهانات الديمقراطية والأمن، مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية ومؤسسة فريدريش أيبرت، عمان، ط2، 2014، ص241-243.
[3] ستيفان لاكروا، زمن الصحوة: الحركات الإسلامية المعاصرة في السعودية، الشبكة العربية للأبحاث والنشر، ط1 2012، ترجمة عبد الحق الزموري، ص61-68.
[4] انظر: محمود الرفاعي، المشروع الإصلاحي في السعودية: قصة الحوالي والعودة، 1995، ص36-57.
[5] انظر: محمد أبو رمان وحسن أبو هنية، الحل الإسلامي في الأردن، مرجع سابق، ص244-244.
[6] المرجع السابق، ص296-298.
[7] انظر: محمد أبو رمان، أنا سلفي: بحث في الهوية الواقعية والمتخيلة لدى السلفيين، مؤسسة فريدريش أيبرت، عمان، ط1 2014، ص36-40.
[8] المرجع نفسه، ص70-75.
[9] المرجع نفسه ص153-158.
[10] محمد أبو رمان وحسن أبو هنية، الحل الإسلامي، مرجع سابق، ص316-327.
[11] انظر محمد أبو رمان، أنا سلفي، ص82-104.
[12] المرجع نفسه، ص193-195.
[13] محمد أبو رمان وحسن أبو هنية، الحل الإسلامي، مرجع سابق، ص383-389