أخبار الجامعة الأردنية (أ ج أ) هبة الكايد – أطلق مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية اليوم بالشراكة مع البنك الدولي عددَ الربيع لعام 2022 من تقرير المرصد الاقتصادي للأردن، الذي أصدره البنك الدولي تحت عنوان “الاضطرابات العالمية تحد من التعافي وخلق فرص العمل”.
وجاء في التقرير أنه يُتوقّع نمو الاقتصاد الأردني بنسبة 2.1% في عام 2022، إلا أن ارتفاع أسعار السلع الأساسية واختناقات سلاسل العرض وتأثير الحرب في أوكرانيا تشكل جميعها مخاطر سلبية كبيرة على التوقعات الاقتصادية للبلاد.
وقال مدير مركز الدراسات الاستراتيجيّة الدكتور زيد عيادات معقبا على هذا التوقع بأنه يعتمد على معدل النمو القوي نسبيًّا البالغ 2.2% المسجل في عام 2021 بفضل السياسات النقدية والمالية الداعمة التي لجأت إليها الحكومة، إلى جانب إعادة فتح أبواب الأنشطة الاقتصادية بشكل تدريجي. ومع ذلك، أضاف عيادات بأن البطالة لا تزال، لا سيّما بين الشباب والنساء، عند مستويات مقلقة، كما إنّ هناك حاجة إلى إصلاحات رامية لتحفيز الاستثمار من أجل خلق وظائف أكثر وأفضل.
وأشار عيادات أيضًا، وحسب هذا العدد من التقرير، بأن النموّ الاقتصادي في الأردن عام 2021 كان قويًّا، بفضل التوسع الكبير في قطاعي الخدمات والصناعة، والانتعاش القوي وغير المتوقع في قطاع السفر والسياحة، ومع ذلك، فإن بعض القطاعات الفرعية، لا سيّما قطاع الخدمات التي تعتمد على التعامل المباشر مع الجمهور بدرجة عالية مثل المطاعم والفنادق، لا تزال متعثرة عن المستويات المُسجّلة ما قبل الجائحة.
ووفقًا لما أورده التقرير، فقد استأنفت الحكومة الأردنية مسار ضبط أوضاع المالية العامة، يدعمها في هذا النمو القوي في إيراداتها الضريبيّة وغير الضريبيّة. وقد سمح هذا أيضًا للحكومة بزيادة النفقات الرأسمالية بشكل ملحوظ في عام 2021؛ وهو تطوّر مرحب به نظرًا للدور الحاسم للاستثمار في إنعاش النشاط الاقتصادي وزيادة معدّلات التشغيل.
ورغم التغيرات غير المواتية في أسعار السلع العالمية والارتفاع التدريجي للتضخم، ظلت أسعار المستهلكين منخفضة نسبيًّا مقارنة بالبلدان الأخرى في المنطقة.
ومع ذلك، وحسب التقرير، لم يؤدّ الانتعاش الاقتصادي الأخير إلى خلق فرص عمل بنسبٍ عالية. ورغم أن الانتعاش في قطاع الخدمات ساعد في تخفيف بعض ضغوط سوق العمل، إلا أنّ معدّل البطالة الإجمالي في الأردن بلغ حوالي 23% في نهاية عام 2021، مقارنةً بمستوى ما قبل الجائحة الذي بلغ 19% نهاية عام 2019.
ويخلُص التقرير إلى أن ارتفاع مستويات البطالة والعمل في القطاع غير الرسمي في الأردن يعود بشكل رئيسي إلى القدرة المحدودة للقطاع الخاص على خلق وظائف أكثر وأفضل، حيث تسيطر الشركات الصغيرة منخفضة الإنتاجية على الاقتصاد.
وتعليقًا على هذا، قال المدير الإقليمي لدائرة المشرق بالبنك الدولي ساروج كومار جاه: “رغم الانتعاش الاقتصادي الذي شهده الأردن، إلا أن التحديات الاجتماعية والاقتصادية الملحة، ومنها ارتفاع معدلات البطالة خاصة بين الشباب والنساء، لا تزال مترسخة، وللمضي قدمًا، سيكون تسريع تنفيذ الإصلاحات الداعمة للاستثمار أمرًا بالغ الأهمية لضخ الديناميكية في الاقتصاد وتنشيط القطاع الخاص باعتباره محرّكً أساسيًّا من محركات خلق فرص العمل في البلاد.”
ويقدّم المرصد الاقتصادي للأردن أربع توصيات لتشجيع الاستثمار وتعزيز قدرة البلاد على حُسن إدارة أوقات عدم اليقين بشكل أفضل، هي: 1) تكثيف إصلاحات الاقتصاد الجزئي لتشجيع تنمية القطاع الخاص؛ 2) تنفيذ الإصلاحات التي تستهدف معالجة أوضاع البطالة، خاصة بين الشباب والنساء؛ 3) التحول إلى إطار سياسات الاقتصاد الكلي لما بعد الأزمة بما يضمن إعطاء إشارات كافية ومطمئنة للمستثمرين فيما يتعلق بمناخ الاستثمار والأسعار؛ 4) تجديد استراتيجية تمويل الديون في الأردن للحفاظ على الاستثمارات العامة في البنية التحتية وتنمية رأس المال البشري في البلاد.
ويُفرِدُ التقرير فصلًا خاصًّا بعنوان “خلق وظائف أكثر وأفضل في الأردن” يستعرض فيه التحديات الهيكلية الرئيسية في سوق العمل الأردني، إضافة إلى الإصلاحات الضرورية المطلوبة للتغلب عليها.
ويبين التقرير أن جائحة كورونا أدت إلى تقليص فرص العمل المتاحة أمام الشباب، الذين يشكلون حوالي خمس إجمالي السكان في سن العمل في الأردن.
واعتبارًا من نهاية عام 2021، أشارت الإحصاءات الرسمية إلى أن أكثر من نصف الشباب في البلاد عاطلون عن العمل، مع وجود نسبة أعلى بين العاملات الشابات.
ولا يزال هناك انقسام لافت للنظر بين الجنسين يميز سوق العمل الأردني، حيث تقل نسبة مشاركة الإناث في القوى العاملة بنحو 40 نقطة مئوية عن الذكور، ما يجعلها من بين أدنى المعدلات في العالم.
وفي هذا الصدد، قالت الخبيرة الاقتصادية الأولى بالبنك الدولي، ومؤلفة التقرير سعدية رفقات: “تساهم عدة عوامل في ارتفاع معدل البطالة بين الإناث، بما في ذلك ظروف مكان العمل غير الملائمة للأسرة، والشمول المالي المحدود للمرأة، والافتقار إلى الوصول إلى وسائل النقل العام الموثوقة والآمنة، إضافة إلى الأعراف الاجتماعية السائدة، ويمكن خلق المزيد من الفرص الاقتصادية للإناث من خلال رفع هذه القيود، مثل إزالة القيود القانونية المتعلقة بالحصول على الوظائف، وتوسيع إمكانية الوصول إلى رعاية جيدة للأطفال، وزيادة الشمول المالي للمرأة.”
ويُقدّم التقرير موجزًا للتوصيات لإزالة العقبات التي تعترض ديناميكية القطاع الخاص في الأردن وخلق وظائف أكثر وأفضل من خلال الإصلاحات التي تزيد من المنافسة في الأسواق وتحد من عوائق النفاذ إليها وترتقي بمستوى البنية التحتية الداعمة لمؤسسات الأعمال.
كما شدّد التقرير على ضرورة أن تكون هذه السياسات مصحوبة بجهود إضافية لتحسين مهارات القوى العاملة ومعالجة عدم تطابق تلك المهارات مع متطلبات سوق العمل وإعطاء الأولوية لما يتطلبه القرن الحادي والعشرون من مهارات وكفاءات متطورة.