احتل الحديث عن “الاسلام السياسي” موقعاً محورياً في السجالات السياسية والفكرية العربية مع انبلاج الربيع الديمقراطي في المنطقة، وبروز هذه الحركات بوصفها لاعباً مهماً في كثير من الدول، يتوقع أن يكون لها دورٌ فاعل في ترسيم مسارات المرحلة المقبلة والرهانات المتضاربة حولها، سواء من القوى والأطراف الفاعلة المحلية أو من الدول الكبرى أو حتى من دول الجوار التي ازداد تأثيرها خلال السنوات الأخيرة.
ذاب جبل الجليد في دول عربية عدّة، ولم يعد الحديث عن قوة الإسلاميين وحضورهم السياسي والاجتماعي مجرّد تكهنات، تخضع لمنطق المبالغات والفزّاعات أحياناً والتبخيس أحياناً أخرى، فهنالك اليوم مؤشرات في تونس ومصر وليبيا على أنّ هذه الحركات ما تزال رقماً صعباً في المعادلة، وقد حصدت في الانتخابات العربية الأولى التي تجري بعد الثورة في تونس على قرابة٤٠ ٪ من مقاعد البرلمان ١، ودخل حزب النهضة في تشكيل الحكومة الجديدة برئاسته، والحال نفسها بالنسبة للعدالة والتنمية في المغرب ٢، وأخيراً الانتخابات المصرية التي أنتجت أغلبية في مجلس الشعب لحزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، وتحالف النور المنبثق عن التيار السلفي، إذ حصلت قائمتاهما المرتبتين الأولى والثانية في الانتخابات التشريعية ٣، على فيما لعب الثوار ذوو الخلفية الإسلامية دوراً أساسياً في سقوط معمّر القذافي في ليبيا.