كتب

المقدمة بالمعنى المعتاد، التي يفترض أن تعَُرّف بالكتاب وتعرض محتواه باختصار، سوف يجدها القارئ في أول النص.

فقد حاولت أن أصيغ الكتاب، إلى حدٍ ما، على شكل قصة. هكذا اجتهدتُ. ولهذا وضعتُ مقدمة هذه القصة في موقعها الطبيعي في النص. أما العناوين الفرعية التي سيلاحظها القارئ، فهي فقط لغايات التسلسل ولتسهيل القراءة، أو لتسهيل الانقطاع أو التوقف عن القراءة أو الانتقال بين الفقرات.

أود هنا فقط الإشارة إلى أن الكتاب محاولة في مجال إعادة قراءة سيرة الملك الراحل الحسين في ممارسته الحكم والقيادة في الشأن الداخلي، اعتمادًا على الروايات الشفو ية بعيدا عن القرارات والوثائق الرسمية.

لقد طُرحت منذ زمن طو يل قضية دور الأفراد في التاريخ. ولكن هذا الكتاب يزعم أنه يسعى لأخذ النقاش إلى مستوى آخر، أكثر بساطة ربما، يهدف إلى التعرف على دور وأثر التفاعل المتبادل بين الفرد القائد أي الملك، وبين شعبه ومجتمعه. إنه محاولة لتفسير ظاهرة الملك حسين باعتبارها تكثيفًا لسمات هامة في الاجتماع السياسي الأردني.

في الصورة التي اخترتها لتوضع على غلاف الكتاب -وقد التقطت في مطلع ستينات القرن العشرين- يجلس الملك على فراش أرضي مُسندًا ذراعه وجزء من جسمه على مخدة قماشية، وخلفه مباشرة يوجد طقم كراس )كنبات ذات مساند جانبية ومسند خلفي(، وكانت تمثل “موديلا” حديثاً في ذلك الزمن. إنها جلسة يحبها الأردنيون؛ فهي تعني إعطاء التقليدي الأهمية التي يستحقها ولكن من موقع التمكن من حيازة الحديث. إن الكراسي الحديثة متوفرة، ولكن اختيار الجلوس في هذه الوضعية التقليدية التي توحي بالكثير من الثقة والارتياح والألفة، يعطي إشارات هامة. وبالطبع علينا الانتباه إلى أن للجلوس والمجالس في المجتمع الأردني والثقافة الأردنية، تقاليد صارمة، فهناك تراتبيات يجب مراعاتها، وهناك أسلوب لمناقلة الكلام، ويتوجب مراعاة الأدوار والمراكز لحاضري الجلسة، وفيما بينهم. إن قراءة صور الملك حسين في المواقع والمناسبات والظروف المختلفة تعد بحد ذاتها مادة بحثية غنية.

وفرت التجربة الشخصية الإنسانية للملك الراحل، والتي ستطالعون إطلالة عليها في صفحات الكتاب، فرصة له لكي يتعرف على أدق خصائص شعبه. والأمر، كما يؤكد من عايشوه لم يكن مجرد مشهد يؤدى أمام الناس، بقدر ما كان أسلوباً للحكم والقيادة.