أوصت دراسة أعدها مركز الدراسات الاستراتيجية بالجامعة الأردنية، بالتعاون مع غرفة تجارة عمان، بضرورة إجراء حوار مع القطاع الخاص للوصول إلى توافق وطني بشأن مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد.
وأكدت الدراسة، التي أعلن عن تفاصيلها خلال مؤتمر صحفي عقده أمس رئيس غرفة تجارة عمان العين عيسى حيدر مراد ومدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية الدكتور موسى شتيوي، ضرورة أن يقابل زيادة الضريبة على فئات الدخل العليا إجراء تخفيض على ضريبة المبيعات كتوجه مواز واستراتيجي أيضا.
وقالت الدراسة، التي جاءت بعنوان: “قانون ضريبة الدخل تقييم للواقع…والبدائل المحتملة”، أنه رغم أن إجراء تعديل على قانون ضريبة الدخل يعتبر مبررا اقتصاديا، لكن يجب أن يؤخذ بالاعتبار مجمل النظام الضريبي، وذلك تجنبا للدخول في مرحلة الاجهاد الضريبي.
وأوصت بإجراء دراسة للأثر المحتمل لتعديل قانون ضريبة الدخل على النمو الاقتصادي واختيار أحد البدائل أو السيناريوهات التي قدمتها والتي تخفف العائد المالي الذي تطمح إليه الحكومة دون المساس بالشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى.
كما أوصت بإصدار عفو ضريبي، وذلك ضمن فترة زمنية محددة، على أن يشمل الإعفاءات من الغرامات والفوائد المترتبة على التأخير وليس على المبالغ الأصلية المستحقة لضريبة الدخل وبدون الملاحقة القانونية، ما يساعد في تشجيع الأفراد على تقديم الإقرارات الضريبية وتوسيع القاعدة الضريبية، وزيادة إيرادات الحكومة.
وشددت على أهمية زيادة الوعي الضريبي لدى المواطنين وأهمية تسديد الضريبة، لأن ذلك سيعود بالفائدة عليهم وتحديد صلاحيات ومهمات مدققي ضريبة الدخل والمبيعات بشكل أكثر دقة وموضوعية.
وأكدت الدراسة في توصياتها ضرورة تخفيض الفترات الزمنية التي يجوز لدائرة الضريبة العودة خلالها للتقدير على سنوات ماضية وعدم إعطاء مجلس الوزراء صلاحيات في منح الإعفاءات في ظروف خاصة والذي يؤدي إلى تمييز محتمل في المعاملة الضريبية، ويستحسن إقرار فئات الإعفاءات بنظام أو قانون أو إلغائها بالكامل.
كما اوصت الدراسة، التي استمرت ثلاثة أشهر وأخذت في حسبانها مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد، بالتخفيف من الآثار السلبية للتعديل الضريبي المقترح بإعطاء فترة سماح، وخصوصا للمستثمرين الأجانب، يتم من خلالها إعطاء المكلف فترة سماح (خمس سنوات مثلا) لتصويب أوضاعه الضريبية في ضوء التعديل الجديد على قانون ضريبة الدخل، بحيث يتم في تلك الفترة الاستمرار في تطبيق القانون قبل ذلك التعديل، ولا يطبق التعديل إلا بعد مضي المدة، أو بموافقة المكلف قبل ذلك.
وأوصت الدراسة بالإبقاء على إعفاء القطاع الزراعي كما هو في القانون الحالي النافذ وضرورة الإبقاء على ما جاء في القانون الحالي الذي ينص على تقاص ضريبة الأبنية والأراضي من ضريبة الدخل.
وأكدت ضرورة إعادة النظر بالبند الخاص بالحصول على المعلومات المالية أو البنكية واختصارها على طلب المدعي العام في حال ثبوت التهرب الضريبي، وأن تكون كل حالة على حدة.
واوصت بضرورة إعادة النظر في فرض الغرامات على التهرب واعتماد مبدأ التدرج وبمعدلات تتناسب مع حجم الجرم المرتكب.
وبينت الدراسة أن إجمالي الضرائب على الدخل والأرباح بالمملكة بلغت خلال العام الماضي 938 مليون دينار مقابل 945 مليون دينار لعام 2016.
وقال العين مراد إن الغرفة تسعى من خلال إنجاز الدراسة مع المركز إلى فتح حوار موسع حول مشروع قانون ضريبة الجديد بما يحقق المصلحة والعدالة لمختلف القطاعات الاقتصادية.
وأضاف أن الغرفة ستقوم بعرض التوصيات التي توصلت إليها الدراسة على مختلف فعاليات القطاع التجاري في اجتماعها الذي ستعقده اليوم (الثلاثاء) لمناقشة مسودة القانون لتشكيل توجه عام حول بنوده للوصول الى تفاهمات ونتائج مرضية لقطاع الافراد والشركات.
وأكد مراد أن غرفة تجارة عمان ترفض مسودة مشروع القانون بصيغتها الحالية كونها لا تتوافق مع خطة التحفيز الاقتصادي، موضحا أن أية أعباء جديدة على القطاعات التجارية والصناعية والخدمية ستنعكس بالنهاية على المواطن.
وأوضح العين مراد، خلال المؤتمر الذي حضره أعضاء مجلس إدارة الغرفة غسان خرفان ومحمد علي البقاعي وريم بدران، أن مشروع القانون أضاف أعباء جديدة على القطاع تتعلق بالضرائب على توزيع الأرباح وتشديد العقوبات، وكلها أمور لا تتوافق مع الوضع الاقتصادي الذي نعيشه حاليا.
ولفت إلى أن إخضاع الأرباح الموزعة للضريبة يؤدي إلى ازدواجية في فرض الضريبة وأن وضع حد أعلى لتنزيل أرباح المرابحة والفوائد المدفوعة أو المستحقة على الشخص ذو العلاقة سيؤدي إلى تراجع حجم التسهيلات الائتمانية، مطالبا بضرورة الابقاء على تقاص ضريبة الأبنية والأراضي من ضريبة الدخل.
وبين العين مراد أن زيادة كلف التشغيل على القطاع الخاص الذي يسهم بتوليد 60 % من فرص العمل بالمملكة سيؤثر أيضا على عملية تشغيل الأيدي العاملة الأردنية في ظل حالة التباطؤ الاقتصادي التي تمر على المملكة، موضحا أن الضرائب تحد من القدرة الشرائية للمواطنين وخفض الإيرادات.
بدوره، قال الدكتور شتيوي إن إعداد الدراسة جاء انطلاقا من حرص المركز على المساهمة في إثراء المعرفة والنقاش الوطني حول القضايا المهمة للوصول إلى شراكة تخدم الاقتصاد الوطني، مشددا على ضرورة اجراء حوار حول مشروع قانون الضريبة الجديد يراعي مصالح الجميع.
وبين شتيوي، الذي استعرض نتائج ومضمون الدراسة، أنها تأتي بهدف توسيع خيارات الحكومة والمساهمة في الحوار الوطني حول إصلاح قانون الضريبة.
وأوضح أن الدراسة شملت أيضا احتساب أثر إجراء أي تعديل على ضريبة الدخل على إيرادات الحكومة المتوقعة بناءً على توزيع شرائح الدخل في الأردن، إضافة إلى إجراء مسح لأصحاب المصالح والقطاعات الاقتصادية المختلفة، لقياس اتجاهات المستجيبين ومعرفة آرائهم، وال
تعرف على أثر بعض العوامل والمتغيرات في وجهات النظر التي تم دراستها.
واستعرض شتيوي أبرز النتائج التي تم التوصل إليها حول مؤشرات العبء الضريبي والطاقة الضريبية؛ حيث تبين ارتفاع نسب الضرائب غير المباشرة بشكل كبير؛ إذ وصلت أهميتها النسبية إلى 69 % في العام 2017، لتصبح المصدر الرئيس للإيرادات الحكومية، مقابل انخفاض نسبة الضرائب المباشرة.
وحسب شتيوي، أظهرت النتائج في هذا المؤشر أن مستويات ضريبة الدخل في الأردن تعتبر أقل من المستويات العالمية، فيما يعتبر العبء الضريبي في الأردن أعلى من المستوى العالمي، وأقل من منطقة اليورو، إضافة إلى أن الأردن قريب من الحدود العليا للطاقة الضريبية، إذ بلغ العبء الضريبي في العام 2017 حوالي 15.5%، واذا ما تم الأخذ بالاعتبار أثر الإجراءات التي اتخذتها الحكومة منذ مطلع العام 2018، وبخاصة ضريبة المبيعات والضرائب الخاصة على النفط، بالإضافة للقانون المقترح، فإن هذا يعني أن الأردن سيدخل في حدود الإرهاق الضريبي (الإجهاد الضريبي).
واشار إلى أن نتائج الدراسة أظهرت بلوغ الطاقة الضريبية بين 16-16.8 % من الناتج المحلي الإجمالي، ما يتطلب عدم تجاوز هذه الحدود لتجنب الإرهاق الضريبي في الأردن.
وبين شتيوي أن الدراسة أشارت لاتجاهات الغرف الصناعية والتجارية نحو قانون ضريبة الدخل؛ حيث أظهرت أن 85 % من المستجيبين أبدى عدم رضاهم عن قانون ضريبة الدخل الحالي المعمول به في الأردن، وتعود أسباب عدم الرضا إلى أن القانون الحالي غير عادل ومنصف، ونسبة الضريبة مرتفعة، وتدفع المواطنين الى التهرب من دفع الضريبة المترتبة عليهم.
وحسب شتيوي يعتقد 94 % من المستجيبين أن العدالة في التحصيلات الضريبية تشجع المكلف على دفع الضريبة، فيما يعتقد 91 % أن تخفيض معدلات الضريبة يؤدي الى زيادة تنافسية القطاع الصناعي، كما يعتقد 82 % أن ربط الاعفاءات الضريبية في تشغيل العمالة الأردنية له آثار كبيرة على الاقتصاد الأردني.
واشار مدير المركز أن الدراسة هدفت إلى إجراء مراجعة شاملة لقانون ضريبة الدخل بأبعاده المختلفة الاقتصادية والقانونية والإدارية ومراجعة القانون النافذ حاليا والإدارة الضريبية ودراسة العبء الضريبي والبيئة الضريبية في الأردن مقارنة بالدول الأخرى وإمكانية توسيع القاعدة الضريبية دون المساس بالفئات الدنيا من الطبقة الوسطى، بالإضافة لدراسة الأثر المالي للقانون المقترح، وتقديم البدائل أو السيناريوهات المختلفة لتحقيق الأهداف من تغيير القانون.
وأوضح أن الدراسة هدفت، أيضا، إلى دراسة توجهات الفعاليات والغرف الاقتصادية والتجارية والصناعية والخدمية حول القانون النافذ وبعض المسائل المتعلقة بالإدارة الضريبة وأثر التعديلات المحتملة على القطاعات الاقتصادية المختلفة.
وبين شتيوي ان الدراسة وضعت عدة سيناريوهات بديلة لما تم طرحه في مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد يتعلق الاول منها بتغيير حد الاعفاء للافراد وعدد وحد الشرائح واعتماد النسب الضريبية التي جاءت بالمقترح الحكومي.
اما السيناريو الثاني فيركز على تغيير حد الاعفاء مع الابقاء على النسب الضريبية وحدود الشرائح، فيما أشار الثالث إلى تغيير حدّ الإعفاء ونسبة الضريبة وبقاء عدد الشرائح كما في القانون الحالي النافذ.
وحسب الدكتور شتيوي، أشار السيناريو الرابع، الذي وضعته الدراسة، إلى تغيير حدّ الإعفاء وحد الشرائح ونسبة الضريبة، فيما لفت الخامس إلى تغيير حد الاعفاء وحد الشريحة ونسبة الضريبة.