استضاف مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية أستاذ الهندسة الكهربائية في جامعة الأميرة سمية للتكنولوجيا الدكتور عبدالله يوسف الزعبي لإلقاء محاضرة حول “الثورة الصناعية الرابعة ومستقبل التعليم العالي في الأردن”.
واستهل الزعبي محاضرته بنبذة تاريخية عن الثورات الصناعية المتتالية وأثرها على الإنسان والدول وتداعياتها في تشكيل الحياة البشرية التي أخذت نمطاً جديداً في كل مناحي العيش، متطرقا إلى تزامن الثورات الصناعية في ظل التزايد المضطرد في عدد سكان الأرض إذ يبلغ حالياً(7.25) مليار نسمة، وأثر ذلك على تناقص الموارد واستنزافها مثلما تحول الصراع وأشكاله بين الدول والأمم ليصبح صراعاً تكنولوجياً واقتصادياً في الغالب.
وأشار الزعبي إلى مفهوم الثورة الصناعية الرابعة ومحركاتها وعناصرها التكنولوجية وخصائصها وأثرها على الاقتصاد والتعليم العالي والجامعات بصورة أساسية، مشيرا في شرح مفصل إلى عناصر الثورة الصناعية الرابعة التي تمثل اندماجاً للعوامل الفيزيائية والرقمية والبيولوجية واعتمادها على تقنيات الذكاء الاصطناعي وانترنت الأشياء والبيانات الضخمة والطباعة ثلاثية الأبعاد والطائرات بدون طيار والطاقة المتجددة.
وأوضح الزعبي خلال المحاضرة مراحل تطور التعليم والجامعات عبر العصور مقسما إياها إلى أربع؛ (التعليم1) ؛ الذي تأثر بالدين واعتمد على طرق تدريس غير رسمية، وتغير مفهوم التعليم في عصر النهضة وبعد الثورة الصناعية الأولى ليصبح التركيز أكثر على تنمية الطلبة وتزويدهم بمهارات التعلم الأساسية، وأضحى مسؤولية أساسية للدولة، ومع تأسيس الجامعات واختراع المطابع دخل العالم حيز (التعليم 2) حيث تطورت عملية التدريس ومفهوم التعليم العالي الرسمي الذي ركز على العملية الأكاديمية وتطوير الأبحاث، وشهدت الحقبة إنشاء بعض الجامعات الكبرى وطور العديد من علماء العصر الجديد طرق إدارة شؤونها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية بدلاً من التركيز على الجوانب الدينية في الكلاسيكيات اليونانية واللاتينية.
وفي الألفية الجديدة، وبحسب الزعبي، أثرت التكنولوجيا على كل جوانب الحياة تقريباً، وأتاحت الوصول إلى التعليم وغيرت طرائق التعلم التقليدي في قاعة المحاضرات عبر دمج أدوات وتقنيات جديدة، ودخل العالم مرحلة التعليم (3)، واليوم يقف العالم مرة أخرى على أعتاب تغيير جديد حيث يريد المتعلم أن يكون في مركز النظام البيئي المستقبلي في التعليم في (4) والذي يهدف إلى تمكين المتعلمين من بناء مسارات التعلم الخاصة بهم ويتميز بإضفاء الطابع الشخصي على تجربة التعلم حيث يتمتع المتعلم بالمرونة التامة ليؤسس مستقبله ويمنحه حرية التطلع إلى النهج وتحقيق الأهداف الشخصية عن طريق الابتكار المتزايد في أساليب التدريس ومتطلبات تحسين تجربة التعليم العالي وتوفير فرص تعلم أفضل مدعوم بالتكنولوجيا، فكلها دوافع رئيسية للتحول نحو التخصيص والشخصنة في التعليم.
وشدد الزعبي في حديثه على ضرورة تطوير العقلية والنهج في إدارة التعليم العالي في الأردن عبر استيعاب التطورات التكنولوجية وملاءمتها لطبيعة الدولة واحتياجاتها واستحداث آليات جديدة لتعزيز نوعية البرامج الأكاديمية عبر تصميم وتفعيل إطار وطني للمؤهلات واعتمادها مخرجات التعلم ومتابعة أدائها باستمرار، وتصميم إطار تنمية الباحثين، ومن ثم اعتماد خطة استراتيجية واحدة للدولة تعتمد على العلم والتكنولوجيا والبحث العلمي، تنبثق عنها كافة الاستراتيجيات للوزارات والجامعات والمؤسسات، مع ضرورة إنشاء هيكلية لإدارة تلك الاستراتيجية ترتبط برأس الدولة.
بدوره قدم مدير مركز الدراسات الاستراتيجية الدكتور موسى شتيوي في مداخلته تعريفا مقتضبا حول السيرة الذاتية للمحاضر الحاصل على درجة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية والالكترونية عام 1987، وهو عضو بارز في معهد المهندسين الكهربائيين والالكترونيين العالمي، ونائب رئيس الرابطة الدولية للهندسة الالكترونية ومؤسس للرابطة الدولية للتعليم الالكتروني، وعضو الجمعية الدولية للتعلم عبر الهاتف النقال والمحرر المشارك للمجلة الدولية لتقنيات التعلم.
وقال شتيوي إن الثورة الصناعية الرابعة أصبحت حقيقة واقعة على المستوى الدولي، وبدأت تغير من وجهة الاقتصاد وسوق العمل في العديد من الدول وأصبحت قوة حاسمة بالاقتصاد والتنمية الاجتماعية، مشيرا إلى أنها تحدث تغيرات لا رجعة فيها وغير قابلة للتوقف على المستوى الاجتماعي وتأثيرها على البيئة والعمل.