أطلق اليوم الأثنين 19/12/2016 مركز الدراسات الأستراتيجية في الجامعة الأردنية بالتعاون مع ثلاثة مراكز بحث عربية التقرير الثاني لـ “مقياس قطاع الأمن العربي وتوجهات المواطنين 2016”. يظهر المقياس واقع عملية الإصلاح الأمني في البلدان العربية المشاركة: الأردن، تونس، العراق، وفلسطين، وذلك من وجهة نظر الجمهور في كل من هذه الدول. يتشكل المقياس من معدل علامات إثني عشر مؤشراً رئيسياً تكوّن بمجملها إطاراً عاماً يمكن من خلاله تقييم قطاع الأمن في هذه البلدان. وقد خُصص كل مؤشر رئيسي لتقييم جانب معين من جوانب قطاع الأمن في ضوء عدد من المؤشرات الفرعية التي يتألف منها وقد بلغ عدد المؤشرات الفرعية للمقياس 113 مؤشراً. تعبر هذه المؤشرات عن مجمل واقع قطاع الأمن ونظام العدالة كما يراه الجمهور. تشير علامة المقياس العربي التي تبلغ 0.59 من مجموع 1.0 إلى أن عملية إصلاح قطاع الأمن في العالم العربي لا زالت تراوح مكانها. وعلى الرغم من ارتفاع علامة المقياس العربي بثماني درجات في التقرير الثاني مقارنة بالتقرير الأول (0.59 مقابل 0.51)، الا أن هذا الارتفاع يأتي نتيجة للعلامة المرتفعة التي حصل عليها الأردن (التي تشارك للمرة الأولى) مقابل انسحاب اليمن من المشاركة في التقرير الثاني بسبب الأوضاع الأمنية.
تُظهر نتائج التقرير، الذي يقوم على أساس استطلاعات للرأي أُجريت خلال عام 2015 و2016 بين عينة تمثيلية في البلدان المشاركة، إن الاحتكاك والتجربة المباشرة مع قطاع الأمن بمختلف أجهزته تخلق انطباعات سلبية عن هذا القطاع. في المقابل، تظهر النتائج أن الشعور بالأمن والسلامة الشخصية والعائلية تلعب دوراً شديد الأهمية في تقييم المواطن لقطاع الأمن حيث ترتفع علامة المقياس بين من يشعرون بتوفر الأمن لتبلغ 0.64 وتنخفض بين من لا يشعرون به لتبلغ 0.45.
كما تُظهر النتائج وجود دور بالغ الأهمية للانتماءات السياسية والطائفية في تحديد الموقف من قطاعات الأمن في العراق وفلسطين. يظهر واضحاً أن الأفراد والمجموعات غير المؤيدة أو غير المنتمية للأحزاب أو الطوائف الحاكمة تشعر بغياب الأمن بشكل أكبر بكثير مما يشعر به الأفراد والمجموعات المؤيدة أو المنتمية للأحزاب أو الطوائف الحاكمة. فيما تختفي هذه الفروق في كل من الأردن وتونس حيث لا يلعب الانتماء السياسي دورا ذي أهمية في درجة الإحساس بالأمن أو في علامة المقياس. يخلق الاطلاع والمعرفة بمهام واختصاصات أجهزة الأمن المختلفة انطباعات إيجابية ويعزز الثقة بأجهزة الأمن. لكن النتائج تشير إلى أن مؤشر الاطلاع والمعرفة يحصل على علامة منخفضة (0.41) مقارنة ببقية المؤشرات.
تأتي الأردن في المرتبة الأولى حيث يحصل مقياس قطاع الأمن فيها على 0.73، يتبعها تونس بعلامة 0.59، ثم العراق بعلامة 0.53، ثم فلسطين بعلامة 0.52.
يقول الأستاذ الدكتور موسى شتيوي مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية إن حالة الاستقرار الأمني في الأردن والنجاح في مكافحة التطرف، رغم الأوضاع الصعبة التي تمر بها دول الجوار كالعراق وسوريا، ساهمت بشكل كبير في حصوله على المرتبة الأولى في هذا التقرير التي تشارك به الأردن للمرة الأولى.
يقول د. عبد الوهاب حفيظ المدير التنفيذي لمنتدى العلوم الاجتماعية التطبيقية في تونس إن النجاح النسبي في عملية الانتقال “الديمقراطي” رغم الصعوبات واجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، اضافة الى الإدارة الجيدة لمكافحة التطرف العنيف، جميعها من العوامل التي ساهمت في ارتفاع علامة المقياس في هذا التقرير بدرجتين مقارنة بالعام السابق.
أما د. منقذ داغر مدير الشركة المستقلة للبحوث في العراق فيقول إن حدة الانقسام الطائفي واستمرار المعارك العسكرية في البلاد بالإضافة الى التهديدات الإرهابية وتدهور الوضع الاقتصادي للعراق خلال السنتين الماضيتين نتيجة انخفاض العائدات النفطية تنعكس بقوة على سياسات وإجراءات الحكومة وقطاعها الأمني وبما يخلق فجوة هائلة بين المواطنين بمختلف انتماءاتهم في درجة إحساسهم بالأمن. وكما يشير التقرير الحالي الى عدم وجود مؤشرات مشجعه للجهود الاصلاحية بحيث حافظ العراق على نفس العلامة التي حصل عليها في التقرير السابق.
أما في فلسطين فيقول د. خليل الشقاقي مدير المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية إنه على الرغم من تقدم فلسطين بدرجتين في التقرير الحالي مقارنة بالتقرير السابق فإن علامة المقياس الفلسطيني ما زالت منخفضة بسبب الاستقطاب السياسي واسع النطاق في المجتمع والسياسة الفلسطينية ولطبيعة عمل قطاع الأمن الفلسطيني في ظل الاحتلال الإسرائيلي.
تتفق المراكز المشاركة بأن هناك حاجة ملحة لتسريع وتيرة الإصلاح الأمني لكي يلمس المواطنون الإصلاحات التي تجري في هذا القطاع. كما يدركوا أن الإصلاح الأمني الفعال هو الذي يمأسس المساءلة ويكافح الفساد ويحترم حقوق الإنسان ويحدد مهام ومسؤليات أجهزة الأمن وتسلسلها القيادي. يؤكد المشاركون في هذا التقرير أن هذه الخطوات هي الطريق الوحيد لكي تحظى قطاعات الأمن العربية بثقة الجمهور.
تم القيام بهذا العمل بمساهمة من مركز بحوث التنمية الدولية في أوتوا، كندا.