عبدالله زهير قرباع
تقدير موقف يبحث فيما إذا كان التداخل بين مبادرة الحزام والطريق الصينيَّة والممر
الاقتصادي الهندي في منطقة الخليج العربي مُتَّجهًا ليكون تداخلًا تعاونيًّا أم عدائيًّا.
في عام 2013، أعلن الرئيس الصيني “شي جين بينج” عن مُبادرة الحزام والطريق Belt and
Road Intiative-BRI، وهو مشروع يسعى لدمج أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا عبر إنشاء
مجموعة من الطرق البريَّة والبحريَّة، وتهدف هذه المبادرة إلى تعزيز الاستثمار وبناء مشاريع
الطاقة والصناعة والتجارة وتقوية الروابط الثقافيَّة وخلق فرص عمل. إلا أنه بعد عقدٍ من
الإعلان عن هذه المبادرة، وخلال قمَّة مجموعة العشرين G20 Summit لعام 2023 في
نيودلهي، جرى توقيع مذكّرة تفاهم من قبل مجموعةٍ من الدول هي الهند والولايات المُتحدّة
والإمارات العربية المتحدة والمملكة العربيَّة السعوديَّة وفرنسا وألمانيا وإيطاليا، أُعلن من
خلالها عن الممر الاقتصادي الهندي -The India-Middle East-Europe Economic Corridor
IMEC الذي يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا، ويحتوي المشروع الهندي على ممرّين: الممر
الشرقي الذي يربط الهند بالخليج، والممر الشمالي الذي يربط الخليج بأوروبا. ويتضمّن هذا
المشروع ممرًا للنقل متعدد الوسائط يجمع بين الطرق والموانئ والسكك الحديديَّة والبُنية
التحتيَّة اللوجستيَّة. ومن المقترح أيضًا أن يتضمَّن خط أنابيب للهيدروجين النظيف، وكابلات
الألياف البصرية تحت البحر، وخطوط الاتِّصال الرقمي، وكابلات الكهرباء. وقد أعرب الرئيس
الأمريكي دونالد ترامب، خلال زيارة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في 13 شباط/فبراير
الماضي للولايات المتحدة، عن دعمه للمشروع الهندي. وعند النظر إلى هذين المشروعين
الجيو استراتيجيين، نجد أنَّهما يتقاطعان في بعض الأقاليم، بما في ذلك الشرق الأوسط، وفي
الشرق الأوسط هناك إقليم فرعي ذو أهميَّة استراتيجية، وهو الخليج العربي.
وبالنظر إلى منطقة الخليج العربي في سياق التداخل بين هذين المشروعين، تبرز التساؤلات
حول ما إذا كان مستقبل هذا التداخل سيكون تعاونيًّا أم تنافسيًّا.
فالتساؤلات حول تنافسية المشروعين تأتي نتيجة ثلاثة أبعاد سياقية:
أولاً: طبيعة العلاقة الصينية الهندية، والتي يغلب عليها طابع التنافسيَّة والعدائيَّة منذ عقود؛
فهناك حالة نزاع بين هاتين القوَّتين تدور حول مناطق حدوديَّة تمتد لحوالي 3000 كيلومتر،
وقد دخل الطرفان في سلسلة من الاشتباكات الحدوديَّة المسلحة في الأعوام 1962، 1967،
1987، 2018، 2020، وآخرها في شهر ديسمبر عام 2022. إلى جانب ذلك، تكشف السلوكات
الإقليميَّة لكل من الهند والصين عن حالةٍ من المنافسة والتهديد يشعر بها كلُّ طرف تجاه
الآخر، فقد رأت الهند في مبادرة الحزام والطريق الصينيَّة محاولة لتطويقها، لا سيّما أنَّ معظم
دول جنوب آسيا أعضاءٌ في هذه المبادرة، وهو ما دفع الهند إلى مقاومة المبادرة الصينية منذ
إعلانها بدلًا من الانخراط فيها. كما طرح الطرفان خلال العقود القليلة الماضية مجموعةً من
مشاريع البُنية التحتيَّة في منطقة جنوب آسيا بهدف ربط الإقليم استنادًا إلى رؤاهم الخاصَّة.
أيضًا، أشارت الاستراتيجيَّة البحريَّة الهنديَّة Indian Maritime Strategy عام 2015 إلى أنَّ
الصين هي التهديد الأوَّل لأمن السواحل الهنديَّة. لذلك، قامت الهند، إلى جانب كل من الولايات
المتحدة واليابان، بالضغط على بنغلادش لإلغاء مشروع ميناء سوناديا Sonadia Port عام
2016، والذي كان من المفترض أن يصبح نقطة استراتيجية للصين، إذ أنَّ تواجد البحريَّة
الصينية فيه سيجعلها قريبة من الشواطئ الهنديَّة. وفي المقابل، ترى الصين في الحوار الأمني
الرباعي Quadrilateral Security Dialogue – Quad، الذي أُنشئ عام 2022 وضم إلى جانب
الهند كلًّا من الولايات المتحدة وأستراليا واليابان، بأنه “ناتو آسيويًا” .
وقد امتد التنافس الإقليمي بين الصين والهند أيضًا ليشمل محاولة الطرفين التأثير في بعض
الدول مثل سريلانكا والمالديف عن طريق دعم قوى السياسة الداخليَّة في هذه الدول. ففي
الانتخابات الرئاسيَّة في سريلانكا عام 2015 دعمت الصين الرئيس ماهيندا راجاباكسا
Mahinda Rajapaksa، بينما دعمت الهند منافسه مايثريبالا سيريسينا Maithripala Sirisena،
وتكرر هذا السيناريو في الانتخابات الرئاسيَّة في المالديف عام 2018، عندما دعمت الصين
الرئيس عبد الله يمين Abdulla Yameen، مقابل دعم الهند لمنافسه إبراهيم محمد صليح
Ibrahim Mohamed Solih.
ثانياً: سياسة التحالف: فحالة القلق الهندي من الصين في جنوب آسيا تتزايد مع تزايد التقارب
الصيني-الباكستاني، لا سيّما منذ الإعلان عن الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني China-
Pakistan Economic Corridor – CPEC عام 2015، الذي يقيّد الوصول الهندي إلى دول آسيا
الوسطى ويمرُّ عبر كشمير، وهو الإقليم الذي تطالب الهند باكستان به. في المقابل، تحاول
الولايات المتحدة تعزيز دور الهند في جنوب آسيا والمحيط الهندي بهدف احتواء الصين،
وبالعودة إلى حالات النزاع الحدودي بين الصين والهند، نلحظ فعاليَّة هذه التقاربات، خاصة
الدور الأمريكي.
بالانتقال إلى السياق الإقليمي للخليج العربي، نلحظ حالةً من الاتساق الهندي مع السياسة
الأمريكيَّة، وهو نتيجة اتساقٍ عامٍّ في السياسة الهنديَّة مع سياسة الولايات المتحدة، لا سيّما
منذ تولّي حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي الحكم في الهند عام 2014. فبعد فرض الولايات
المتَّحدة عقوبات على إيران بسبب طموحاتها النوويّة، رفضت الهند تنفيذ خط تشابهار-زاهدان
Chabahar-Zehedan Line الذي كان جزءًا من مشروع ممرِّ النقل الإيراني-الأفغاني Iran-
Afghanistan Transit Corridor الذي وُقّع عام 2016.
نرى أيضًا أنَّ سياسة التحالف القائمة بين الطرفين في جنوب آسيا والمحيط الهندي ليست
محصورة في هاتين المنطقتين فحسب، بل تمتدُّ لتشمل منطقة الخليج العربي، ويتضح ذلك
من مناورات “حراس البحر” Sea Guardians العسكرية المشتركة بين باكستان والصين في
عام 2023. في المقابل، أصبحت الهند منذ عام 2022 عضوًا في القوات البحرية المشتركة
Combined Maritime Forces – CMF بقيادة الولايات المتحدة بهدف تأمين الملاحة في
منطقة الخليج. إلّا أنَّ الصين ترى أن هذا الانضمام جزء من الجهود المبذولة لاحتواء النفوذ
الصيني في المحيط الهندي.
ثالثاً: الاستعداد الإقليمي: تحوي منطقة الخليج العربي عوامل بنيويَّة مسبقة قد تشكّل أساسًا
لحالة عداء محتمل بين الصين والهند، فإلى جانب الموقع الاستراتيجي للمنطقة، فإنَّ ما
تحتويه من مصادر طاقة يجعلها محورًا للاهتمام والتنافس الدولي. وتُعد الصين والهند من بين
أكبر أربعة مستهلكين للنفط في العالم، وفي عام 2015 أصبحت الصين المستورد الأكبر للنفط
عالميًا، ويأتي أكثر من 50% من وارداتها من الخليج العربي. من ناحية أخرى، استوردت الهند
55.3% من نفطها في عام 2022-2023 من الخليج، بانخفاضٍ عن العام السابق الذي بلغ
63.9%، إلّا أنَّ المؤشرات تشير إلى تصاعد الاعتماد الهندي على النفط الخليجي.
إنَّ تأمين إمدادات النفط من منطقة هي جزء من الشرق الأوسط، حيثُ عوامل الخطر
مرتفعة في ظلِّ وجود التوتر في مضيق هرمز، وحالة العداء الإيراني-السعودي، إلى جانب
بعض الخلافات داخل مجلس التعاون الخليجي، خاصَّة مع قطر، بالإضافة إلى الهجمات في
البحر الأحمر، يشكّل مهمَّة صعبةً؛ فهذه التعقيدات تدفع الصين والهند إلى توسيع وجودهما
العسكري في المنطقة مع تزايد مصالحهما الاستراتيجيَّة.
إذ أنَّ القيود التي واجهتها الهند في إمدادات النفط بعد الغزو العراقي للكويت في عام 1990
دفعتها إلى تعزيز وجودها العسكري في منطقة الخليج، لا سيّما أنَّ احتياطيات النفط الهنديَّة
تكفي لبضعة أيام فقط، وتشير الأرقام إلى زيادة أهميَّة منطقة الخليج في الحسابات الأمنيَّة
والعسكرية لكلٍّ من الهند والصين. بالنسبة للهند، هناك تعاون دفاعي متعدد مع دول الخليج،
إلا أنَّ سلطنة عُمان تحظى باهتمام خاص منذ عقود؛ ففي عام 2018 تمكَّنت البحرية الهندية
من التواجد في ميناء الدقم Port of Duqm العماني. في المقابل، أرسلت البحرية الصينيَّة
سفنًا إلى إيران والكويت وسلطنة عُمان وقطر والمملكة العربية السعودية لإجراء تدريباتٍ مع
القوات البحريَّة الإقليميَّة.
على الاتجاه الآخر، يفترض بعض الباحثين أنَّ العلاقة بين المشروعين في منطقة الخليج
العربي ستكون تعاونيَّة، معتقدين أن المشروعين سيتجهان نحو التكامل بدلًا من التنافس،
وهناك مجموعة من الأبعاد التي تعزز هذا الافتراض:
- البعد التعاوني في العلاقات الصينية-الهندية: إنَّ الصين هي الشريك التجاري الأوَّل للهند
بعدما كانت الشريك الثاني خلف الولايات المتحدة، وقد ارتفع حجم التجارة بين البلدين من 38
مليار دولار في عام 2007 إلى 113.8 مليار دولار في عام 2022، أي أنَّها تضاعفت ثلاث مرَّات
خلال خمسة عشر عامًا. وتمثل القطاعات التكنولوجية والصناعية وقطاع الطاقة والموارد
الطبيعية والمواد الخام أبرز مجالات التبادل التجاري بين البلدين. كذلك، إنًّ الصين والهند
عضوان في منظمة شنغهاي للتعاون الدولي Shanghai Cooperation Organisation – SCO
ومنظمة بريكس BRICS. كما أن الهند من الأعضاء المؤسسين للبنك الآسيوي للاستثمار في
البنية التحتية Asian Infrastructure Investment Bank – AIIB الذي أنشأتهُ الصين في عام
2014، بالإضافة إلى ذلك، تتشابه مواقف الدولتين في بعض القضايا الدوليَّة، مثل قضايا
المناخ، والغذاء، والطاقة. - البعد الإقليمي: إلى جانب كون منطقة الخليج العربي نقطة تواجد وعبور لكلا المشروعين،
فإنَّ الاعتماد الطاقوي لكلٍّ من الصين والهند على هذه المنطقة يدفع الطرفين إلى الابتعاد
عن تعريضها أو خطوط إمدادات الطاقة للتوتر، لما قد يضرُّ بهذه الإمدادات. أيضًا، تعتمد دول
مجلس التعاون الخليجي على صادرات الطاقة، وهذا يجعل هذه الدول مهتمة بتعزيز التعاون
بين المبادرتين على حساب التنافس، فضلًا عن أنَّه يمكن لدول الخليج أن تستفيد من
المشروعين، كما هو الحال مع رؤية المملكة العربية السعودية 2030 التي تتسق أهدافها
الاقتصاديَّة مع كلا المبادرتين، أضف إلى ذلك وجود ما يقرب من تسعة ملايين مقيم هندي
و2.5 مليون مقيمٍ صينيٍّ في دول الخليج العربي، ما يدفع الدولتين إلى الحفاظ على استقرار
المنطقة لحماية مصالح رعاياهما.
- أن عدد من الموانئ وسكك النقل اللوجستي وخطوط القطارات في الممر الاقتصادي
الهندي تُدار بواسطة الشركات الصينية؛ من أهم هذه الشركات “كوسكو” COSCO التي تدير،
على سبيل المثال لا الحصر، خطًا بحريًّا من موانئ الهند باتجاه أوروبا، ومجموعة “شنغهاي
للموانئ الدولية” Shanghai International Port Group التي تدير ميناء خليج حيفا، وهذا
التعاون يحقق منافع اقتصادية كبيرة للشركات الصينية، الأمر الذي يعزز فرص التكامل بين
المشروعين.
عند النظر لبعدي التنافس والتعاون في الطرح السابق نستنتج ما يلي:
· أنَّ مؤشرات التنافس والعداء بين أصحاب المشروعين تفوق مؤشرات التعاون.
أنَّ أبعاد التعاون الأمني بين الصين والهند منحصرة في منظمة شنغهاي للتعاون، فهناك غياب
للتعاون والتنسيق الأمني والدفاعي بين الهند والصين في جنوب آسيا والمحيط الهندي، وكذلك
في منطقة الخليج العربي. وفيما يتعلّق بوقف النزاع الحدودي عقب الاشتباكات المسلّحة التي
وقعت عام 2020 وتجددت في عام 2022، فقد جاءت نتيجة توقيع الطرفين اتفاق لفضِّ
الاشتباك في أكتوبر عام 2024. وبالنظر إلى أبعاد التعاون بين الدولتين، نلاحظ أن تركزه في
الجانب الاقتصادي الذي يميل فيه الميزان التجاري بشكل واضح لصالح الصين، إذ أنَّ الصادرات
الصينية إلى الهند في عام 2023 بلغت 122 مليار دولار، بينما بلغت وارداتها من الهند 16.2 مليار
دولار.
- أنَّ السلوك الذي يقوم به أحد الأطراف، لا سيّما في المجال العسكري، غالبًا ما يُفسر من
قبل الطرف الآخر على أنه حالة تهديد، وهو أمر ناتج ربما عن التصورات المتبادلة Mutual
Perceptions بين الطرفين نتيجة عداوتهما التاريخيَّة وطبيعة التحالفات لكلٍّ منهما. - أنًّ حالة العداء بين الطرفين لم تمنع من بناء علاقات اقتصاديِّة، ولكنَّ الأخطر أنَّ الترابط
الاقتصادي لم يمنع حالة العداء المفضية للحرب، فالصين هي الشريك التجاري الأول للهند
لكن لم تمنع هذه الشراكة من نشوب الاشتباكات العسكرية الحدودية بين الطرفين.
وبالتالي، يشير ذلك إلى أن محاولة ربط المشروعين ببعضهما البعض اقتصادياً بهدف خلق
حالة من الاعتماد المتبادل ربما لن تكون كافية لمنع حالات النزاع بينهما، في حال حدوثها. - يرتبط تزايد الوجود العسكري لكلٍّ من الصين والهند في منطقة الخليج العربي بحجم
مصالحهما هناك، وهو مؤشرٌ خطير نظرًا للتصاعد المستمر في مصالح كلا الطرفين مع دول
مجلس التعاون الخليجي، ومن المتوقع أن تتزايد هذه المصالح بشكل أكبر في ظلِّ وجود
المشروعين.
يمثل الدور الأمريكي عاملًا مهمًا في مستقبل التداخل بين المشروعين، فشمول التحالف
الأمريكي-الهندي لمنطقة الخليج العربي يشير لجهود الأمريكية لاحتواء النفوذ الصيني هناك.
ومن الناحية الاقتصادية، من الواضح أن إدارة ترامب ستمارس ضغطًا على دول الخليج للحدِّ
من علاقاتها مع الصين، وهو سيناريو حدث خلال فترة ترامب الرئاسيَّة السابقة، وقد يزداد هذا
الضغط في حال تسوية الحرب في أوكرانيا، التي ستمنح الولايات المتحدة مساحة أكبر للتركيز
على احتواء الصين.
بناءً على ذلك، هناك ثلاثة سيناريوهات محتملة:
السيناريو الثالث: الثبات. وربما أن هذا السيناريو هو الأقرب للحدوث، بأن يستمر الوضع كما
هو عليه دون تغيير نحو التشاركيَّة أو تصاعد التنافسيّة، وهذا السيناريو يتفق كذلك مع نمط
التواجد الهندي والصيني في منطقة الخليج العربي في العقود الماضية، فلم يسبق أن حدثت
حالات عداء أو نزاع بين الدولتين في الخليج العربي قبل إطلاق المشروعين، رغم وجود
نزاعات حدوديَّة وعداء إقليمي بينهما خلال تلك الفترة، بالتزامن مع وجود مصالح مشتركة
تربطهما بدول الخليج العربي.
السيناريو الأول: التشاركيّة. قد يأتي هذا السيناريو نتيجة حاجة الطرفين إلى منع تصاعد
المنافسة في منطقة الخليج العربي؛ لما قد يسببه ذلك من تهديد لوجود المشروعين في
المنطقة، وتهديدٍ لأمن الملاحة البحريَّة، وهو ما يضر بإمدادات الطاقة وخطوط التجارة لكلا
الطرفين. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي إلى تهديد وجود العمالة الهندية والصينية في دول
الخليج العربي. لذا، تسعى الصين لمنع مثل هذه التوتّرات من خلال، على سبيل المثال،
الوساطة بين إيران والسعودية، ولكن تحقيق هذا السيناريو يتطلَّب مبادرات تقارب بين
الطرفين، وأقرب من يمكنه لعب هذا الدور هي الإمارات والسعودية، لما لديهما من ارتباطاتٍ
وثيقةٍ بالمشروعين.
السيناريو الثاني: تكثيف التنافس. وهذا السيناريو يبدو أكثر احتمالًا مقارنةً بالسيناريو الأوَّل،
نتيجة وجود مؤشرات تدعمه؛ فزيادة المصالح الهندية والصينية في الخليج من خلال
المشروعين، تترافق مع تزايد في وجودهما العسكري في المنطقة، وهو وجود يرتبط بنشاط
تحالفي مشابه لما يحدث في جنوب آسيا والمحيط الهندي، وإذا تحقق هذا السيناريو فإنه قد
يؤثر سلبًا على استقرار دول الخليج العربي. لذلك، من الضروري بناء آليةٍ إقليميَّةٍ تحدُّ من
عسكرة المشروعين في الخليج العربي.