جرت في العاصمة الأردنية عمان أولى اجتماعات مجموعة سوريا ودول الجوار بمشاركة وفود من كل الدول المحيطة بسوريا، وهي تركيا والعراق ولبنان. ويأتي الاجتماع وسط سلسلة من اللقاءات الإقليمية والدولية حيال سوريا ما بعد الأسد، فبعد 14 عاماً من شبه العزلة الدبلوماسية انخرطت دمشق الجديدة في سياق الحوارات التأسيسية لمرحلة من الاستقرار الشامل.
وينفرد اجتماع عمان عن سواه في كونه أول انخراط مشترك لدول ما حول سوريا لبحث سبل دعم سوريا في مسار إعادة الهيكلة الجذري الذي تشهده مؤسسات الدولة الهشة أصلاً. ووفق البيان الختامي تطرق الاجتماع إلى الأبعاد الأمنية، كمحاربة الإرهاب ومكافحة تهريب المخدرات وضبط الحدود، بالإضافة إلى تشكيل الظروف الملائمة لعودة آمنة طوعية للاجئين، وأهمية رفع العقوبات المفروضة على سوريا وما يترتب على ذلك من تحفيز مسار إعادة إعمار شاملة وتعزيز فرص التعاون الاقتصادي و تفعيل لآليات الدعم الدولي التى تعتبر ركيزة للاستقرار المنشود.
ويمكن تقييم هذا الاجتماع على أنه اجتماع استراتيجي نظراً لحضور رؤساء الأركان ومدراء المخابرات من الدول المشاركة، مما يؤهله ليكون له شق تنفيذي أمني عسكري، وتحديداً في حفظ الحدود ومحاربة داعش. ففي هذه المرحلة الإقليمية الانتقالية تعد سوريا إحدى ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة، فحالة الأمن فيها تلعب دوراً في مجمل ظروف الدول المجاورة.
ورغم أن الدول المشاركة في اجتماع عمان تتباين في رؤيتها حيال الملف السوري، إلا أن هذه الدول أبدت انسجاماً ظاهرياً حيال المحاور الأساسية التي تضمنها البيان الختامي، ويبقى التحدي الرئيس في بلورة آليات تنفيذية لتطبيق ناجز لسياسات عمل متعددة الأطراف. ولكن من غير الصواب التقليل من أهمية كون الاجتماع ضم مختلف دول الجوار السوري بما فيها العراق التي تعاني من ازدواجية بين موقف رسمي شرعي وآخر تتبناه فصائل مقربة من إيران التي خسرت نفوذها في سوريا.