أوراق السياسات

حزيران 17, 2008

هدفت دراسة مركز الدراسات الإستراتيجية في الجامعة الأردنية حول تقييم خطة العمل الأردنية الأوروبية المشتركة لعام 2008 إلى تقييم تقدم الأردن في تطبيق إلتزاماته ضمن خطة العمل الأردنية الأوروبية المشتركة في مجال تعزيز الحوار السياسي والإصلاح الاقتصادي والإجتماعي والتعاون في مجال القضاء والحريات والأمن. كما هدفت الدراسة إلى إظهار نقاط الضعف -أو التأخير- في تطبيق هذه الإصلاحات.

في مجال تعزيز الحوار السياسي وإصلاحه: خلصت الدراسة إلى أن عملية الإصلاح السياسي يمكن أن تتعزز من خلال خلق مساحة للحوار في الشؤون السياسية وتطوير قانون إنتخاب عصري بإشراك المجتمع المدني، كما وجدت الدراسة أن الإصلاحات القضائية كانت ناجعة من ناحية تعزيز وبناء قدرات القضاة ورفد الجهاز القضائي بكوادر مهيئة من خلال برنامج قضاة المستقبل، إلا أن هذه الإجراءات لم تكن كافية من ناحية تعزيز الإستقلال الإداري والمالي للقضاء.

أما فيما يخص مكافحة الفساد: فإن ولادة الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد والتي شارك بإعدادها منظمات المجتمع المدني وممثلين عن البلديات والشباب والقطاع الخاص والحكومة تعد من الخطوات الهامة في تأكيد إلتزام الأردن بمكافحة الفساد. كما أشارت الدراسة إلى أهمية التعليمات المتعلقة بالعطاءات العامة في تعزيز الشفافية ومحاربة الفساد.

في مجال حقوق الإنسان والحريات الأساسية: وجدت الدراسة أن تعديل قانون المطبوعات والنشر فيما يخص منع حبس الصحفيين لم يكن كافياَ في ظل عدم تعديل المواد المتعلقة بذلك من قانون العقوبات، كما أن إصدار قانون حل المجلس الأعلى للإعلام يعد خطوة تراجع في طريق حماية حرية الصحافة. وإرتأت الدراسة تعديل بعض بنود قانون حق الحصول على المعلومات بما يتماشى مع إتفاقية الحقوق المدنية والسياسية والتي صادق عليها الأردن. كما أن قانون الاجتماعات العامة فد افتقر إلى تعديلات ملموسة ولا سيما فيما يتعلق بإبقاء شرط الحصول على الموافقة المسبقة لتنظيم تلك الإجتماعات.

في مجال حماية حقوق العمال: خلصت الدراسة إلى أن إجراءات الحكومة في منع التعدي على العمال في المناطق الصناعية كانت ناجحة ورادعة، كما أوصت بالمصادقة على بعض إتفاقيات منظمة العمل الدولية لما سيعود بالنفع على الأردن من حيث زيادة المساعدات.

وفي مجال التعاون في العدل والأمن: أشارت الدراسة إلى ما قدمه الأردن من إعفاءات ومميزات للعراقيين المتواجدين على الأراضي الأردنية، منوهة في هذا الصدد إلى ما يتحمله الأردن من أعباء نتيجة ذلك، مطالبة المجتمع الدولي والإتحاد الأوروبي بشكل خاص مساعدة الأردن ليتحمل هذه الأعباء. كما أشارت الدراسة إلى التعاون من حيث تبادل المعلومات ومحاربة الإرهاب والذي توج في نهاية عام 2008 من خلال المشروع الثنائي لمحاربة الإرهاب والجريمة المنظمة. كما تطرقت الدراسة إلى الإجراءات التي يقوم بها الأردن لمكافحة غسل الأموال مظهرة بعض البيانات عن حجم القضايا التي تعاملت معها وحدة مكافحة غسيل الأموال.

في مجال الإصلاح الاقتصادي والإجتماعي: خلصت الدراسة إلى أن الإصلاح الاقتصادي وتطوير السياسات المتعلقة بالإقتصاد قد استمر في عام 2008 مشيرة إلى إجراءات البنك المركزي لضمان حماية النظام البنكي والحاكمية الرشيدة في ظل الأزمة المالية العالمية، كما أشارت الدراسة إلى إستمرار الأردن بتعزيز البيئة الإستثمارية مظهرة أن حجم الإستثمارات الأوروبية في الأردن ما زال متدنياَ. أما من ناحية السياسية الإجتماعية وسياسة العمل، فقد أشارت الدراسة إلى تدني مستوى البطالة مقارنة مع عام 2007 بشكل طفيف الأمر الذي لا يدل على أي إنجازات ملموسة، كما أن عمالة الأطفال قد استمرت مسجلة أكثر من 32 ألف طفل عامل يتراوح أعمارهم ما بين 5-17 بأجر أقل من ثمانين دينار مما يعد إنتهاكاَ للحد الأدنى للأجور أيضاَ. وأشارت الدراسة إلى أن تشكيل اللجنة الإستشارية الثلاثية لشؤون العمال يعد خطوة مهمة في سبيل ضمان حقوقهم مع التوصية بزيادة فاعلية هذه اللجنة.

فيما يتعلق بالتجارة: بينت الدراسة ازدياد صادرات الأردن إلى دول الإتحاد الأوروبي بنسبة 64% مقارنة مع عام 2007 مشيرة إلى أن عجز الميزان التجاري ما زال كبيراَ وأوصت بتحفيز القطاع الخاص لزيادة صادراته والعمل على تعديل قواعد المنشأ الأوروبية ليتسنى للمصدر الأردني الإستفادة من إتفاقية الشراكة. إن قيام الأردن بالإتفاق مع الإتحاد الأوروبي في عام 2008 على قائمة البضائع التي ستلغى التعرفة الجمركية عنها يعد إشارة على إلتزام الأردن ببنود إتفاقية الشراكة لما فيه من تعزيز للتجارة الخارجية. كما أن تطوير إستراتيجية وطنية للتجارة الخارجية للأعوام 2009-2013 يعد بادرة أساسية في مجال تعزيز التجارة الخارجية.

أشارت الدراسة إلى ضرورة إنشاء هيئة مستقلة للمنافسة وهيئة مماثلة لحماية حقوق الملكية الفكرية لما قد يعزز شفافية الأردن في التعامل مع القضايا المتعلقة بذلك. تطرقت الدراسة أيضاَ إلى الدور الذي لعبه ديوان المحاسبة عام 2008 من توفير مبلغ 35.4 مليون على خزينة الدولة موصيةَ بتعديل قانون ديوان المحاسبة لضمان إستقلاله المالي والإداري.

في مجال التعاون المالي: أشارت الدراسة إلى إن المساعدات المالية المقدمة من الإتحاد الأوروبي للأردن لم تكن بحجم الإصلاحات التي التزم الأردن بتنفيذها، كما أن الإصلاحات السياسية تتطلب مزيداَ من الجهد والمساعدة المالية مشيرةَ إلى دعوات مؤسسات المجتمع المدني إلى إعادة تقسيم المساعدات وزيادة حصة الإصلاحات السياسية منها.

وفي الخلاصة، فإن الأردن أظهر إلتزاماَ أكبر في الإصلاحات الاقتصادية منه في الإصلاحات السياسية آخذين بعين الإعتبار أن الإصلاحات السياسية ما زالت مستمرة بشكل متواضع ولكن بخطى ثابتة