آراء ومقالات

بلال العضايلة

نشر مركز الدراسات الاستراتيجية نتائج استطلاع رأي أجراه حول حكومة الدكتور جعفر حسان بعد مرور عام على تشكيلها وبعض القضايا الراهنة، والذي يأتي ضمن جهد المركز الدؤوب لتوفير فهم عميق حيال توجهات وآراء المجتمع الأردني لتكون رافداً للمختصين وصناع القرار الراغبين بفهم التفاعل المجتمعي مع الظروف الراهنة.

ويجري المركز استطلاعه على مستويين: المستوى الأول هو العينة الوطنية، والثاني عينة قادة الرأي، حتى يتسنى التفريق بين توجهات المجتمع وتوجهات النخبة، وفحص المواضع التي تتباين فيها العينتين. وبصورة عامة ثمة نوع من التوافق بين أراء كلا العينتين مما يدلل على عدم وجود انقسام بين “النخبة” و “المجتمع”. 

وكان لافتاً وجود تباين بين العينتين على صعيد حالة التفاؤل العامة، فمثلاً عبّر 56% من العينة الوطنية عن تفائلهم بقدرة الحكومة على تنفيذ رؤية الاصلاح الاقتصادي، أما عينة قادة الرأي فجاءت النسبة 44%. وبالنسبة للتفاؤل بالقدرة على تنفيذ الاصلاحات السياسية فجاءت (60%، 48%) للعينة الوطنية وعينة قادة الرأي على الترتيب، أما بخصوص اصلاح القطاع العام فجاءت (61%، 46%) للعينة الوطنية وعينة قادة الرأي على الترتيب. 

وهذا الاتجاه الذي فيه العينة الوطنية أكثر تفاؤلاً من عينة قادة الرأي يصل حتى للملفات الإقليمية، فبخصوص قدرة الحكومة على إدارة الملفات الإقليمية جاءت النسبة (61%، 52%) للعينة الوطنية وعينة قادة الرأي على الترتيب.

بهذا الاتجاه لا بد من التساؤل عن الأسباب التي يكون فيها المجتمع أكثر تفاؤلاً من نخبته، ولو افترضنا مرجعية الحالة الاقتصادية مثلاً في رسم الموقف تجاه الحكومة فإن الاتجاه التفاؤلي ينبغي أن يكون غالب عن النخبة وليس المجتمع. مما يعني أن الحالة الاقتصادية ليست صاحبية الأولوية في رسم الحالة المزاجية في الأردن مجتمعياً ونخبوياً.

الشي الذي تؤكده نتائج الاستطلاع الأخير هو استمرارية سيطرة ميل المجتمع الأردني نحو الاستقرار والثبات وتقدير أولوية الأمن على ما سواه، بالإضافة إلى تقدير موقف الحكومة والدولة داخلياً وخارجياً، فداخلياً “وافق بشدة” 25% من العينة العامة على أن الحكومة تفعل كل ما بوسعها لتزويد المواطنين بالخدمات، و”وافق نوعا ما” ما نسبته 48%. وخارجياً عبر 87% عن رضاهم من موقف الدولة تجاه الحرب في غزة. 

الشيء الذي ينبغي التوقف عنده ملياً هو تأييد 55% من العينة الوطنية و50% من قادة الرأي لتعيين رؤوساء البلديات، وهو ما يؤكد الجنوح نحو الاستقرار وعدم تفضيل عشوائية الانتخابات التي قد تأتي برؤساء غير قادرين على تليبية خدمات المنتفعين في البلديات، الأمر الذي ينبغي له فتح تساؤل حول مدى اقتناع المجتمع الأردني بقدرة الديمقراطية على توفير حلول للأزمات الحالية.