الدكتور موفق العجلوني
في مقالته الأخيرة ” ملك الكاريزما الدبلوماسية ” الصادرة في عمون الغراء هذا اليوم، قدم الأستاذ الدكتور حسن المومني تحليلاً دقيقاً حول الدور المحوري الذي تلعبه الدبلوماسية الملكية في تعزيز مكانة الأردن على الساحة الإقليمية والدولية. وقد تناول المومني بأسلوبه العميق والمتأمل عدة جوانب تتعلق بالتفاعل بين السياسة الخارجية للمملكة الأردنية الهاشمية والتحديات التي تواجهها، مسلطاً الضوء على المهارات السياسية الفائقة التي يمتلكها جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله في قيادة دفة السياسة الخارجية بطريقة تكاملية بين المبادئ الثابتة والمرونة العملية.
الدكتور المومني الزميل والصديق رئيس مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية اعادني في استعراضه للكرزما الدبلوماسية لجلالة الملك وخاصة هذا اليوم الذي نحتفل فيه في الذكرى السادسة والعشرين لجلوس جلالة الملك على العرش، هذه الذكرى التي تعني للأردنيين الكثير الكثير. حيث تحمل ذكرى الجلوس الملكي على العرش في وجدان الأردنيين معانٍ وطنية عميقة تتجاوز حدود الاحتفال، فهي ليست مجرد محطة زمنية، بل لحظة لتجديد الولاء والانتماء، واستذكار المسيرة التي قادها جلالة الملك عبد الله الثاني بحكمة واقتدار منذ اعتلائه العرش.
وتمثل هذه الذكرى رمزاً للاستقرار، والأمان، والهوية الوطنية. فهي تربط الأردنيين بقيادتهم الهاشمية التي أثبتت عبر العقود التزامها بخدمة الوطن والمواطن – الانسان أغلى ما نملك – ، كما تعزز ثقة الناس بمستقبل بلدهم رغم التحديات المحيطة.
وتشكل الذكرى مصدر إلهام للأجيال الجديدة، لما تمثله من رؤية ملكية تركز على التحديث، والابتكار، وتمكين الشباب، ما يدفعهم ليكونوا شركاء حقيقيين في بناء الأردن الحديث. هي مناسبة لتعزيز المسؤولية الوطنية، واستحضار الثوابت التي أرستها القيادة الهاشمية، وتجديد العهد على مواصلة العمل والتطوير، كلٌّ في موقعه، ترجمةً لتوجيهات جلالة الملك.
تحمل الذكرى بعدًا من الفخر والتاريخ المشترك بين القيادة والجيش العربي و الأجهزة الأمنية ، إذ تربطهم علاقة ولاء وشراكة متجذرة، عنوانها الإخلاص والتضحية من أجل الأردن وقيادته. تنبض الذكرى بالحنين والانتماء، فهي تذكير بهوية أردنية لا تُمحى، مهما بعدت المسافات، وتعيد ربط المغتربين بوطنهم وقيادتهم في صورة من صور الوفاء والاعتزاز.
وبالتالي، تبقى ذكرى الجلوس على العرش محطة وطنية جامعة، يلتف فيها الأردنيون حول قيادتهم، ويجددون فيها العهد بأن يبقى الأردن قوياً، حراً، وعزيزاً، بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، وبدعم من شعبه.
من هنا ومن منبر عمون الغراء التي توصلنا الى جلالته مباشرة ومن القلب الى القلب نرفع الى مقام جلالته بأسمى آيات التهنئة والتبريك. نؤكد على اعتزازنا وفخرنا بقيادة جلالته الحكيمة التي كانت ولا تزال مصدر قوة واستقرار للأردن في وجه التحديات، ونسأل الله أن يديم على جلالته موفور الصحة والعافية، وأن يواصل مسيرته المباركة في خدمة الوطن والشعب.
مقال الدكتور المومني ونحن نحتفل هذا اليوم بالذكرى العطرة لجلوس جلالة الملك حفظه الله على العرش أعادني الى مقال لي منشور بتاريخ ١٠/١١/٢٠٢٢بعمون الغراء بعنوان:” ملك السلام بين عمان ولندن والفاتكان” أقول فيه:
“نعم قلتها قبل ثماني سنوات في مقالي المنشور في عمون الغراء بتاريخ ١٤/٤/٢٠١٤. رسول السلام بين الفاتكان وفيينا والكرملين وعمان. وها هو ملك السلام يطير من عمان مدينة السلام بلد الامن والامان وحوار الأديان والذي يحتضن الجار والصديق والرفيق والأخ والشقيق في أوقات الشدة والضيق. نعم يا جلالة الملك يا سبط رسول الله يا ابن الهاشمين , انت رسول السلام انت الامل في هذا العالم الغارق بالأحزان .ليس لنا مرجعية داخلياُ و خارجياُ سوى جلالتكم ، و لا قدوة الا محياكم و لا مرشداُ الا هداكم , و انتم معنا نسير على دربكم و نعمل جاهدين على السير على نهجكم و ان نكون قريبين من رؤياكم بدبلوماسيتنا ووطنيتنا وولاءنا و توجهاتنا و لقاءاتنا مع الاشقاء و الاصدقاء وفي احلامنا و يقظتنا في بناء الاردن الراقي , في بناء الاردن الديمقراطي , في بناء الاردن الواعي في بناء الاردن الحضاري في بناء اردن المودة و المحبة , في بناء اردن العروبة من منطلق مبادئ الثورة العربية الكبرى و في بناء الاردن العربي الاسلامي الوسطي.”
من هنا اعادني الدكتور حسن الموني في حديثه عن دبلوماسية جلالة الملك التي ينهل منها كافة الدبلوماسيين والسفراء ووزراء الخارجية والمسؤولون، كيف ان جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله، يتمتع بكاريزما ومهارات دبلوماسية، استطاع أن يضمن للمملكة دوراً بارزاً على المستوى الدولي، خصوصاً في قضايا المنطقة الحساسة مثل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، والأزمة السورية، وأزمات المنطقة بشكل عام.
استوقفني الدكتور المومني في استعراضه للكاريزما الملكية التي تمتاز بها القيادة الأردنية، والتي تعد أحد العوامل الحاسمة في الدبلوماسية الملكية. الكاريزما الملكية ليست مجرد حضور أو تأثير على المستوى الشخصي، بل هي جزء من استراتيجية دبلوماسية تعزز مكانة الأردن وتعزز التفاهم والاحترام بين القادة الدوليين. ففي العديد من المناسبات الدولية، نجد أن جلالة الملك عبد الله الثاني كان دائمًا في الصف الأول من القادة الذين يحظون باحترام واسع داخل المجتمعات السياسية والدبلوماسية، لا بسبب سلطته الرسمية فقط، ولكن بسبب مهاراته الإنسانية واهتمامه بتوجيه رسائل السلام والتعاون.
وعلى المستوى العملي، يمكننا رؤية تأثير الكاريزما الملكية في العديد من الملفات التي تولتها المملكة. من المفاوضات الحساسة مع القوى الكبرى، إلى الدور الذي تلعبه في مساعدة اللاجئين وتقديم الدعم للأطراف المتنازعة في الشرق الأوسط، نجد أن الجهود الملكية لا تقتصر على المناقشات الدبلوماسية فقط، بل تتعداها إلى تطبيقات فعلية تعكس الحكمة والإنسانية في معالجة الأزمات.
قدرة جلالة الملك على جمع الأطراف المتنازعة، والتوصل إلى حلول وسط توازن بين المصالح، يعد مثالاً على كيفية الاستفادة من الكاريزما الملكية في تحقيق أهداف سياسية ودبلوماسية مهمة. وبذلك، تصبح الدبلوماسية الملكية أكثر من مجرد أداة سياسية، بل سمة من سمات القيادة الأردنية التي تتسم بالكفاءة، والالتزام، والرؤية المستقبلية.
ومن خلال فهمي المتواضع للدبلوماسية، وجدت ان الدكتور المومني استطاع ان يعكس فهمًا عميقًا لدور الدبلوماسية الملكية. هي ليست فقط أداة لتحقيق مصالح سياسية أو اقتصادية، بل هي استراتيجية متكاملة تسهم في تعزيز الاستقرار في المنطقة، وتنمية العلاقات الدولية، وتقديم صورة مشرقة عن الأردن كداعم للسلام والتعاون.
وبالتالي تظل الدبلوماسية الملكية الأردنية انموذجًا يحتذى به في كيف يمكن استخدام الحكمة والعقلانية والكرزما وبعد النظر في السياسة لتوجيه مسارات الأمة نحو مستقبل أفضل، مع الحفاظ على القيم الإنسانية التي تمثل جوهر السياسة الخارجية للمملكة.